هور العظيم: من محمية طبيعية لأنواع النوادر البيئية إلى كارثة ومأساة

هور العظيم: من محمية طبيعية لأنواع النوادر البيئية إلى كارثة ومأساة
  • زکية نيسي

منذ شهرين، وبعدما قامت وزارة الطاقة بقطع نصيب مياه هور العظيم؛ بإغلاقها منافذ سد الكرخة، شهد هور العظيم كارثة بيئية، حيث بسبب الجفاف الواسع، انتشرت مقاطع مروعة من موت آلاف الأسماك والأحشام، خاصة الجاموس وأيضا ما تبقى من الأحشام والأسماك؛ يصارع الموت.


يقع هور العظيم في غرب الأهواز وفي سهل ميسان الذي يتشكل من مدن الحميدية والرفيع والبسيتين والحويزة والخفاجية.

ويقع تحديدًا في جنوب غرب مدينة الحويزة وعلى بعد ٣ كيلومترات من مدينة الرفيع. هور العظيم في الحقيقة هو نقطة النهائية لنهر الكرخة.
مصدر نهر الكرخة من جبال زاجرس وبعد مسافة ٩٠٠ كيلومتر، ينتهي بالهور العظيم، إذن هور العظيم يأمن مياهه من نهر الكرخة.
كان هور العظيم بيئة فريدة من نوعها، حيث كان يضم أنواع نادرة من الطيور: البطة وبطة الرخام والوزة الرمادية وأوزة العروس وطيور الجارح وطائر مغرة الإفريقي، ودجاج الماء ومئات أخرى من أنواع الطيور.
والنباتات: مثل القصب والبردي والنباتات القاعية، مثل؛ اللوتس ونبات شولان ايضا نبات القاقلة والخس البرّي.
والأحشام مثل الجاموس الذي تعتمد حياته مباشرةً على المياه. ويعد هذا الحيوان الأليف ركيزة اقتصادية مهمة بالنسبة لسكان الأهوار.
وكان الهور يضم حيوانات برية مثل الخنزير وكلب المياه وحيوانات برمائية كثيرة جدًا، لكن من المؤكد أنه بسبب السياسة المائية المعتمدة، كان مصير أغلب هذه الحيوانات، الموت المحتم.
كذلك التهديد ذاتها يواجه الثروة السمكية؛ مثل “البني” “العنزة” “القطان” “الحمري” “شلج” “برزم”، “الشوكي”، “الزوري” وغيرها من الأنواع السمكية الأخرى.

 

يعاني هور العظيم من جفاف واسع وتدمير لموارده الطبيعية الخاصة لسببين:

١) بعد ما قامت وزارة الطاقة ببناء سد الكرخة في عام ١٩٩١م على نهر الكرخة وبعد ذلك ب٧ سنوات في عام ١٩٩٧م قامت ببناء سد “سيمرة” على نهر السيمرة الذي يُعَد أحد أهم شرايين نهر الكرخة وروافده، تقلَّصت نصيب مياه الهور وبتعبير أدق؛ انقطعت حصة مياه هور العظيم.

٢) في عام ٢٠٠٨م خصص لوزارة النفط ٧ آلاف هكتار من مساحة هور العظيم للكشف واستخراج النفط ومع إن كان من المقرر على وزارة النفط الالتزام ببعض الشروط المختصة بالبيئية، لكن وزارة النفط لم تلتزم بالشروط، وجففت الهور وأقامت الطرق لاكتشاف واستخراج النفط؛ مما أدى إلى جفاف واسع في ااهور العظيم.
حيث تقلصت مساحة الهور العظيم من ٦٤١٠٠هكتار إلى ٢٩٠٠٠ هكتار،
وبهذا السببين جف الهور وتدهورت الزراعة، والصيد، وتربية المواشي، وبالطبع تدهور وضع سكان الهور اقتصاديا مما اضطروا إلى الهجرة وترك قراهم.
كان الهور في السابق، يضم قرى كثيرة، منها؛ الدبية، والحسجة، واللولية، والعمة، والكسر، والمكرية، والمحيرية، والسيدية، وأبو كلاك، والمشيمشية، والجراية، والطبر، وشط علي، والزهيرية، والبرجة، والبرص، والخرابة، وقرى أخرى..
لم يتبقَ اليوم من الكثافة السكانية والحياة الطبيعية للبشر في الهور العظيم وبالقرب منه، غير مدينة الرفيع، التي هي بقرب هور العظيم وجزء منه وبعاني سكانها من الجفاف المتعمد.

قبل يومين (الجمعة ٢ تموز) أعلن الإعلام الرسمي أنه تم فتح سد الكرخة وستصل المياه إلى الهور، لكن، حسب تصريح الناشطين وخبراء بمجال البيئة الأهوازية، الذين زاروا الهور العظيم يوم الجمعة ٢ يوليو ٢٠٢١ ومباشرةً نقلوا عمق الكارثة من قلب هور العظيم (أن حويض ٢ في وسط هور العظيم، ولكن كما تشاهدون جافة ويمكن مشاهدة جيف الجواميس فيها).
وأيضا، صرحوا: (للأسف الشديد، لا احد يأتي إلى هنا في قلب هور العظيم، ليوثق مدى عمق الكارثة، ونحن قضينا ساعتين مشيًا على الأقدام بظروف صعبة وحرارة تصل إلى ٥٠ درجة مئاوية بهدف كشف عمق الكارثة).
وأضافوا: (ولكن في الإعلام الرسمي يظهرون المياه الواصلة للرفيع، التي تبعد عن هذا المكان ١٠ كيلومترات وفي الزيارات الرسمية فقط يمرون من مسير الرفيع ولا أحد يمر من قرية الرميم التي هي في عمق الكارثة.
أيضا صرحوا إننا فرحين بمجيء المياه إلى الهور، لكن نستبعد وصول هذه المياه إلى الحويض رقم ٢ أي عمق الكارثة البيئية في الهور العظيم ولهذه اللحظة هذه المنطقة جافة.
بجفاف هور العظيم حرمت الأهواز والمنطقة كلها من مهدئ العواصف الترابية، حيث الأهوار وبطبيعتها البيئية تعمل مثل الرئة للأرض وتجذب كلما هو ملوث وتحفظ الرطوبة ولكن من أخطر تداعيات جفاف الهور منذ عقدين صحيًا، حدوث عواصف ترابية تضم ذرات معلقة ۲۱ مرة أكثر من الحد المقبول عالميًا، تسببت بارتفاع إصابات مرض السرطان وأمراض الرئة وارتفاع درجة الحرارة في الأهواز..
الجفاف المتعمد لهور العظيم يعد كارثة بيئية، وجريمة بشرية إذ تداعياته الخطيرة سيشمل، ليس الأهواز فقط، بل الشرق الأوسط كله.

  • تقریر مصور:

 

 

 

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات