صفحَة الباحث الأهوازيّ “کاظم بروشك” على الفيسبوك ثريّة بالمعلومات التّاريخيّة والتُّراثيّة. كنتُ من المتابعين لهذهِ الصَّفحَة قبلَ أن يُجمّد نشاطها سنة 2018م. يجد القارئ في هذه الصَّفحة كثيرًا من المعلومات التّاريخيّة والتراثية الجديرة بالاهتمام.
معظم المعلومات التي كان ينشرها الباحث غير مدعومة بمصادر موثوقة ذات صلة بالموضوع؛ علاوة على ذلك، لم تحظَ هذه المعلومات بالنقد المنهجي من قبل القراء، فتكثر فيها الأخطاء المعلوماتية.
حاولتُ في هذا المقال أن أعلّقَ تعليقات نقدية على أربعة منشورات من هذه الصَّفحة بهدف ايصال المعلومات التراثية الصحیحة للمتلقي فضلًا عن ترویج فكرة النقد بين المهتمين في مجال التراث والتاريخ بالأهواز. وكان منهجي في التعليق هو ذكر مادة الباحث دون أن أمسّها بتغيير ثمّ التعليق عليها بعد كلمة “قلتُ” مباشرة.
- الف:
كتب الباحث¹:
من ” اهازيج” السفن الكعبية ! “
يا محله الخشب لو لزه السيف ” !!؟
هذه الجملة تعد احد مقاطع من تراث بحارة ” كعب النصار ” و كانت رايجتا عند ” نصار كعب ” من البحارة في شواطئ الاقليم في ايام تواجد الاسطول البحري للاقليم ! ولا اعرف هل كانت جزء و نوع من النشيد الحماسي او اهزوجة ! , تغني بين الرجال بشكل جماعي في ساعات الابحار العادية او الحرب ام شيئا اخرا ؟ . الجملة ( حسب اعتقادي ) رمزية ولكن المعنى في هذا المصطلح كالاتي : ما احلى الخشب ( يقصد به اللنجة او البوم ) لو لزه السيف ( يقصد به عند وصول السفينة الى ” الراگ ” او الساحل للعدو او لارض الوطن عند العودة !!؟ ) بمعنی اخر : يا محله النجة ( البوم ) لو لزة ( لصقت ) على الشاطئ ( العدو او الوطن !؟ ) و كما اوردت لا اعرف هل هذه الكلمات كانت نوعا من ” الهوسات البحرية ” ام عند رحلات الصيد او شيئا اخرا مختلفا !؟ ».
قلت:
جملة “يا ما أحلى الخشب لو لزت السيف” إنما هي شطر مقتبس من أنشودة تراثية خليجية ترددها النساء على الساحل قبيل انتهاء موسم الغوص على اللؤلؤ (القفال) اشتياقًا لعودة الرجال:
يا خوي ما أحلى الخشب لو لزّت السيف
كلها صبيان تجر المياديف
يا نوخذاهم لا تصلب عليهم
ترى حبال الغوص گصص ايديهم
يا ليتني دهينه وادهن ايديهم
وياليتني خيمه واخيّم عليهم
وقد غنتها الفنانة الكویتیة “عوده المهنا”² سنة 1966 الميلادية³ ، وعلى هذا فإن هذه الجملة لا ترتبط بـ”كعب النصار” و”الأهواز” ألبتة، وكلمات الأغنية تشیر صراحة إلی مهنة الغوص التي لم تكن رائجة لدی النصار الذین یمتهنون الگطاعة (نقل البضائع) وصید الأسماك.
- ب:
كتب الباحث⁴:
تنويه مهم : تسمية ” لنجه ” جات من اسم الشريكة التي كانت تحمل اسم ” لنچ ” و الذي هو بنفسه كان اسم او لقب العائلي لمؤسسي الشريكة و هما ” اللاخوه لنچ ” الذين اشترو حق الملاحة البحرية في شط كارون ونظمو بشكل دوري و منضبط و جديد ( لتلك الحقبة ) رحلات تجارية بين ميناء المحمره و مركز الامارة وسط الاقليم انذاك –
كلمة ” لنجه ” كانت و مازالت تستعمل فقط في مدينة المحمره و عبادان و تسمية هكذا بواخر في منطقة الخليج كانت و مازالت مختلفته و تفرق كثيرا عن هذه التسمية – في الخليج هكذا بواخر تسمى ” دوحه ” او ” بوم ”
قلتُ:
كلمة اللنج تتداول إلى اليوم على ضفتي الخليج. وقد دوّنتُ هذه الكلمة في كتابي”لسان العرب في الساحل والجزر”⁵. وانني قد رأيتها وردت في العديد من كتب التراث الكويتي والإماراتي والسعودي⁶ ! وقد ادخلها بعض الشعراء في الخليج ضمن قصائدهم الشعبية. فحصر المفردة بعبادان والمحمرة لايجوز. وأما عن أصل المفردة فلا علاقة لها ب” اللاخوه لنچ ” بل هي مأخوذة من اللغة الإنجليزية Launch بمعنى الزّورق البخاري⁷ واللفظة الإنجليزية مأخوذة من اللغة البرتغالية: ⁸ lancha .
- ج:
كتب الباحث⁹:
الغة ” الاكدية “و شقيقتها الغة العربية !
ترجمة مصطلح فني و ادبي و سياسي اكدي قديم ! : كودورو (Kudurru)
الترجمه بالعربي :
كترو = كتر – زاويه او جنب او محاذة ( شيئا ما ! )
جدرو = جدار او حائط او طوفه !
هذا الاسم و الاصطلاح و الذي كان يطلق على كتلة حجرية صلبة ذات نقوش و كتابات كانت لها استخدام في مجال عملية تملك الاراضي و ترسيم الحدود بين الدول في الحضارات القديمة في منطقتنا انذاك ! استمر استخدام مفهوم هذا المصطلاح في ثقافتنا العامة حتى في الفترة الاخيرة من الزمن الحالي ! ولكن بتسمية ثانية و بشكل خفيف و محدود و في الارياف او القرى فقط ! و كان يسىمى هذا الاصطلاح في قرى اقليمنا لتحديد الاراضي الزراعيته ” بالنيشان ” او النيشان ! .
قلتُ:
الكِتِر في اللهجة الأهوازية هو الجانب أَو الطرف، وقد اشتقوا منها فعلًا على وزن فعّل فقالوا: كتَّر . أصل اللفظة “قُتْر” وقد قلب حرف القاف كافًا، وهذا الابدال موجود في اللهجة، يقولون كتل والأصل قتل، وكت والأصل وقت . جاء في الجيم: «وقال: وقَعَ على قُتْر أَى على جانب»¹⁰. وجاء في جمهرة اللغة: « و القُتْر: الناحية، مثل القُطر سواء»¹¹ .
- د:
كتب الباحث¹²:
” التنكه ” الانجليزيه !
من المفردات التاثيرالانجليزي القديم في المحمره !
عندما ظهر الضباط من عسكرين و مدنين في شوارع مدينة المحمره و عبادان ظهرت معاهم ” اصطلاحات و مفردات ” انجليزية دخلت فم الناس هناك ( مدينة المحمره و عبادان ) و اصبحت من المفردات النطق العام في مجتمعات تلك المدن و على سبيل المثال مفردة : راشن ( معاش جنسي ) – موت كار( سياره ) و التنكه ! في الصورة السيدة كاثرين وولي زوجة العالم الريطاني ( السير ليونارد وولي ) تشاهد معا الشيخ حمودي ابن ابراهيم ( في رايي ليس بشيخا ) و الذي كان يعمل كمشرف للعمال ! معا صورة ل” تنكه ” انجليزية مملوة بالاثار!!؟
قلت:
اللفظة انتشرت في العراق والأهواز أيام الحقبة العثمانية: “تَنکَه”¹³ ، وتكتب بالتركية الحديثة “teneke “¹⁴. علمًا هي ليست ذات أصلٍ تركي! واللغة التركية بدورها استعارت الكلمة من اللغة الفارسية: “تنکه” الصفيحة من المعدن ¹⁵ و من المفيد الإشارة إلى أن اللفظة في الفارسية لا تعني التَّنَكة (وعاءٌ من الصفيح) بل تطلق على الصفيحة من المعدن.
¹-https://m.facebook.com/photo.php?fbid=855608227855946&id=100002203309866&set=a.128822530534523
²-عوده المهنا (1899 – 1984) مغنية كويتية کانت لديها فرقة نسائية تتميز بغناء العديد من الأغاني الخليجية.
³-الشريط المرئي المسجّل لهذه الأغنية.
⁴-https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=640224806060957&id=100002203309866
⁵-توفيق النصّاري، لسان العرب في الساحل والجزر، الأهواز: قهوة، 2017م، ص 273.
⁶-أنظر إلى: خالد عبدالقادر، الموسوعة الميسرة لألفاظ الحياة الاجتماعية في البيئة الکويتية، 2014م، 3/998.
⁷-A.farah,m.said,r,n,karim,s.k.eduard:the dictionary English-arabic,440
⁸-تمت المراجعة بتاريخ 10 سبتمبر 2021 على الرابط التالي: https://www.etymonline.com/word/launch#etymonline_v_51823
⁹-https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=729834473766656&id=100002203309866
¹⁰-الشيباني، کتاب الجيم، القاهرة: الهيئه العامه لشؤون المطابع الأميرية، ط1، 1975م، ص 3/83.
¹¹-ابن دريد، جمهرة اللغة، بيروت: دار العلم للملايين، ط 1، 1988 م، ص 1/394.
¹²-https://m.facebook.com/photo.php?fbid=779976518752451&id=100002203309866&set=a.128822530534523
¹³- محمد علي الأنسي، قاموس اللغة العثمانية، د.ت، ص 177.
¹⁴- محمد كانار، فرهنگ جامع تركی استانبولی به فارسی، تهران: انتشارات شيرين، 1374 هـ.ش، ص 455.
¹⁵- ناظم الأطباء، فرهنگ نفيسي، تهران: کتابفروشي خيّام، 1355ه.ش، ص 2/ 986.