لِمَاذَا نُصر عَلَى التَّعْلِيمِ بِاللُّغَة الْأُمّ ؟
✍🏻 عماد ناجي
21 فبراير 2020 /الأهواز🌴
كل عام و نحن نجدد العهد مع لغتنا الأم و نحفز أبنائنا للتعليم بهذه اللغة الجميلة و الغنية لنموهم المعرفي و اللغوي و الإجتماعي و الحفاظ على هويتهم القومية و التجنب من الإنصهار القسري .
في هذا المضمار نبذل كل قصارئ جهدنا ونحث لترسيخ دعائمها و اعتمادها وسيلة للإنفتاح على بقية الثقافات و الحضارات .
أن أهمية التدريس باللغة الأم أصبح أمرا محسوما بفعل التقارير و الدراسات التي تؤكد ذلك و تؤيد اعتماده و توصي به، حيث أوصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة- اليونسكو- أثناء تخليدها لليوم العالمي للغة الأم في ٢١ فبراير ٢٠١٦ بضرورة التدريس باللغة الأم كاشفة في تقاريرها حول الموضوع ” أن أفضل الدول الرائدة عالميا تدرس بلغاتها الأصلية” ، كما أكدت دراسات أممية أخرى أن ١٩ دولة تتصدر العالم تكنولوجيا” يرتكز تعليمها على اللغة الأم وعليها يرتكز البحث العلمي.
كما شددت على أن الحفاظ على اللغة القومية يساعد في بناء هوية فردية متماسكة تتأثر بمنظومة القيم الأخلاقيّة المنبثقة من النسيج الاجتماعي و تؤثر فيها.
تعتبر اللغة هي وسيلة الانسان الأولى للتفكير و التواصل و التعلم و عن طريق اللغة يعبر عن مشاعره و افكاره و يفهم كيف يشعر و يفكر الآخرون.
فلذلك طفلك له الحق بدراسة لغته الأولى ،اللغة الأم ، عندما يدخل المدرسة و يحاول فهم الأشياء و معرفة الأمور و يتعلم المواد الدراسية ،فلهذا، هناك ضروة انسانية و هامة للتعليم باللغة الأم و يجب علينا أن ندعم هذه المرحلة و نعزز لغتهم الأم، أي اللغة العربية و نحثهم تعلمها و هذا الشيء يتطلب من الوالدين أن يتحدثوا بهذه اللغة مع الطفل و بشكل يومي حيث أنه يستطيع أن يمارس حقه الإنساني في التعليم باللغة الأم و يستمتع بجمال لغته العربية ،هذه اللغة الجميلة ذات المفردات الغنية و المعاني الوافرة ، صاحبة الجلالة ، لغة القرآن و الدين والثقافة و العلم والحضارة.
إن الدراسات التربوية العلمية الحديثة أثبتت أن الإنسان لا يمكن أن يبدع بشكل كامل إلا في إطار لغته الأم ،و فقدانها تكلفنا التكلفة الإجتماعية الباهضة الثمن.
في هذا السياق يقول الباحث الدكتور عبدالخالق فضل رحمة الله أستاذ اللغويات المشارك في جامعة السودان المفتوحة ” أن التعليم باللغة الأم يسرع في الفهم ،ويقوي الإستيعاب ،و يعمق المعرفة،و يوفرالوقت”.
كما أن يشرح جيمس كومينز، وهو متخصصٌ في اللغويات، مفهومَ ما يسميه ” إتقان الأساسيّات المشتركة common underlying proficiency” الذي يساعد على نقل المعارف والمهارات المكتسبة من اللغة الأمّ إلى اللغات الثانية، و يعتبر أنّ اللغة الأم تؤمن الأساسيات لبناء استراتيجيات اللغة الثانية ، وايضا” يذهب كومينز إلى أن”تجاهل لغة الفرد في المجتمعات المتعددة الثقافات يعتبر نوعا” من أنواع الإنصهار القسري داخل هذه المجتمعات.
ايضا” يقول الدكتور ابراهيم بن احمد مسلم الحارثي مؤلف كتاب موسوعة تعلم القراءة و القرائية في هذا الشأن ، ” لقد دلت نتائج كثير من الأبحاث التربوية على أن تعلم مهارات القراءة باللغة الأم أيسر و أسهل من تعلمها باللغة الأجنبية”.
بينت الأبحاث أن النتائج الأفضل تتحقق في اللغات الثانية ،متى كان تعليم اللغة الأم هو القاعدة في سنوات الدراسة الست إلى الثماني الأولى.
هناك نظريات كثيرة تؤكد أهمية المحافظة على تعلم اللغة الأم لأنها شرط أساس لنمو الفرد المعرفي واللغوي والإجتماعي.
فإذا كانت النظريات و الدراسات تؤكد و ترى أن المحافظة على اللغة الأم مقدمة للتطور المعرفي و الثقافي ،فلابد لنا أن نطالب بحقنا الذي يعد من الحقوق الأساسية و الإنسانية .
أن حرماننا من التعلم بلغة الأم هو من يصنع الحاجز و المانع لرقينا و تواصلنا الثقافي و الحضاري و يشطب هوية شعب بأكمله عانى ما عانى على مر العقود المنصرمة و مازال يعاني من هذا الداء الأليم ،حيث يثير هواجسنا للحفاظ على مسيرة الجيل الصاعد و الأجيال اللاحقة،و من هذا المنطلق علينا أن نطالب بهذا الحق الإنساني المسلوب ،و نؤكد إن تمسكنا بلغة الضاد لا يأتي من حس شوفيني و عنصري، و هو ليس دعوة إلى التقوقع داخل جدران اللغة الأم ،بل هو نتيجة لرفضنا للإستعمار الثقافي و اللغوي و كضرورة هامة و أساسية لقوام لغة اطفالنا و فهمهم و تعميق معرفتهم و ابتعادهم من ثقافة الهزيمة و الإنصهار الحتمي.
أليس هذا ما يجب أن تعيه الأسرة الأهوازية بأهمية التعليم باللغة الأم؟ و تحاول بكل جهدها لتعزيز الوعي بها .
المصادر:
١.أهمّيّة اللغة الأمّ وواقع اللغة العربيّة؛ رلي قبيسي ،موقع الآداب.
٢.التلازم بين اللغة الأم والتقدم العلمي د.عبدالخالق فضل رحمة الله ديسمبر 2, 2016 | العدد السابع – المجلد الثاني.
٣.كتاب موسوعة تعلم القراءة و القرائية في جميع المراحل الدراسية ؛ د.ابراهيم بن احمد مسلم الحارثي ،الطبعة سنة 2017.