بتنسيق و محاورة الإعلامي فهد الباجي تشرفنا في اللقاء والحوار الخاص مع احد اعلام الشعر الأهوازي في وقتنا المعاصر والحالي ، واحد رموز الساحة الثقافية في الاهواز والذي اتسم بقوة المعنى والبديهة وسرعة الرد و تركيب القافية.
• شاعر يهابه الشعراء لذكائه الشعري وجزالة أبياته وكوّن جماهيريه في وقتً ماضي وحتى وقتنا الحالي وقد التقينا بالدكتور عباس الطائي و هو يحدثنا عن اشياء مهمة تطرقنا اليها .ها انتم و هذا اللقاء الشيق.
1 – من هو د.عباس الطائي؟
– شكراً لکم علی هذه الأضواء التي تتسلطو نها علی أدبنا الـأهوازي.
حیاتي کلها أحداث ، منذ یوم ولادتي الذي صادف یوم” الجسيرة”أي الإنکسار و والهزیمة ،لا علی ید رضا شاه البهلوي الطاغیة الذي هاجم أهلنا بحجة رفع الحجاب ،عام 1944/م بل کانت هزیمة بني طرف نتیجة التفرقة التي ألقاها نظام الطاغیة البهلوي بین عشائرنا ، فألقی الفتنه بینهم فتناحروا وذهبت ریحهم، ذکرت هذه الحادثة – لأول مرة – دون أن اذکر القبایلة التي الّبها ذلک النظام الفاسق علی أبناء جلدتهم.لیعلم شعبنا أن التاریخ لایرحم ، وإن الأحداث ستظهر علی الساحة مهما حاولنا طمسها ، وهـــکذا استمرت حیـــاتي بین تشرید وتبعــید الی یومنا هذا وأنا بعید عن وطني الأم وهذا حدیث ذو شجون یطول (راجع کتاب « الأدیب الأهوازي ،عباس الطائي» تألیف الأدیب الشاعر عبدالحسین الباوي ).
2 – حدثنا عن سيرتك الذاتية؟
نشأت في أسرة کانت تتعاطی الشعر والأدب والتاریخ في مجالسها، في قریة «ابو چلاج» و ( الچلچ ،هو الکلک الذي یعبرون علیه في النهر) . فتأثرت بذلک الحدیث وتلک الاجواء ،و کانت تلک المجالس عادة یحضرها عم أبي الحاج عصمان الطائي وخالي الحاج عبدالله ابن الشیخ صدام الطرفي ، وأبي جاسم ابن الحاج محمد بن زایر علي الطراف الطائي . وکان أبي یرحمه الله یحفظّنی الشعر و یجيزني علی کل بیت أحفظه.
3- في بدایاتك الشعرية هل مَن كان لك عونا في الإستشارة؟
– أجل کان والدي یرحمه الله یشجعني، کما کان الحاج عصمان یرحمه الله یُصحح لي بعض أبیاتي الشعبیة ، أما شعري الفصیح فکنت أعرضه علی الأساتذة في جامعة الأهواز التي کنت دخلتها عام 1972/م وکانت ابیاتاَ متفرقة ،حتی وصلت إلی قصیدة «عروس إلنار » آنذاک ،وأنا متأثر بها بشعر کعب بن زهیربن أبي سُلمی بقصیدة « بانت سعاد».
4- هل تأثرت بشاعر معين و هل تری التأثر ظاهرة صحية؟
– أجل یقول احد المحققین العرب ،شعراء العرب والفرس (بعد المتنبي)کلّهم عیال علی المتنبي، وأنا لست مستثني منهم. حفظت الکثیر من شعره وتأثرت به.
5- الی أین تتجه المرأة في الأهواز؟
– هذا سؤال صعب ، في هذه الظروف الصاخبة و الفوضی الإیجابیة السانحة، لا أری للمرأة الأهوازیة نشاطاََ یوّظف هذه الظروف لصالحة وإن کان فهو لایتناسب مع نصف مجتمعنا لکنني متفائل الی حد ما.
6 – رأیک في مستوی الأدب المحلي (الشعر و النثر و الكتابة) مقارنة مع المستوی في العالم العربي؟
– ماذا أقول یا ولدي؟! أخشی أن یُقال عني مالا أودّ سماعه إن قلت : إننا في بدایة الطریق وأمامنا مراحل ومحطات کثیرة کي نردّ علی هذالسؤال ، ولیس الذنب ذنبنا نحن ، بل قاتل الله الظروف ومن أوقعنا فیها خلال القرن العشرین إنما أنا متفائل جدّاَ إذ لدینا طاقات علی الطریق، ففي مسابقة شاعر الکوثر الدولیة التي کنت حکما فیها مع حکمین جامعیین ناقدین هما الدکتور رحمن غرگان ، والأستاذ الشاعر الناقد علي الإمارة ،قبل أشهر کان هناک شعراء من الأهواز أثني علی شعرهم الحکام في المسابقة.أما الشعر الشعبي الأهوازي فهو قد احتل ّ مکانة أهـّلته أن یقف إلی جانب الشعرالشعبي العراقي بقلیل من المسافة ، وکثیر من الإحترام لما تأثر به من الشعر العراقي.
7- هل حصلت علی جوائز؟
أنا في العنفوان الشعري في العقود الماضیة التي کنت أطمح لنیل الألقاب ، کنت مسيجاً علیّ ممنوعا من المشارکات في خارج البلاد ، أما في الداخل فلا أری مجالاَ للمسابقات والمنتدیات التي تمنح الجوائز . لکنني حصلت علی اکبر الجوائز من شعبي وهذا یکفیني.
8- هل تکتب القصیدة؟ بيوم او أكثر او شهر او اكثر؟
– لا أدري هي تولدُ عند مخاضها ، فیکون عسیراَ أحیاناَ ، وسهلاَ أحیاناَ، و قد یکون قیصریاَ، وقد تکون القصیدة تکتبني وأنا نائم ،کقصیدة « دمع النجوم» راجع دیواني (هذا هو الحب).
9 – د. عباس بما أنك احد الأساتذة الذين تربّی علی يده العديد من الشعراء الذين وصلوا إلى الضوء و الشهرة لماذا ،د.عباس لم يسلط الضوء علی نفسه؟!
– ها أنت أجبت علی سؤالك بنفسك، أنا أری نفسي في کل کلمة یقولها هؤلاء الأدباء الأفاضل فأنتشي و أحلق شوقاَ وحبّاَ ، أنا في کل قصیدة یکتبونها وکل أثر یحققونه. وفضلاَ. عن کل ذلك فأنا لاأحب تسویقَ نفسي.
10- ماهي أسباب غیابک من الساحة هل هو إطار خاص اتخذه د. عباس ام بسبب مشغلة ام هنالك أسباب أخرى؟؟
– أنا لست غائباَ ، أنا حاضر بأعمالي الأدبیة في المنتدیات ، والجامعات التي تدرّس کتبی (الأدب المقارن ، و ، العروض المبسط) و کذلك بإشرافی علي الرسائل الجامعية ، ومراجعة آثار ابناءنا الادبية التي يخولني مبدعوها الإشراف عليها مراجعة و نقداً و تقديماً و تقريظاً، اما الحضور في المناسبات الشعرية فهذا حرمتني منه الظروف التي ارغمتني علي الهجرة من الأهواز و كذلك الظروف الصحية التي لاتتلائم مع و عثاء السفر .
و انا کما تعلم قبل عشرین عاما ارغمت علی ترک الأهواز قسرا و قد اصبحت العودة إليها صعبة. و فضلاً عن كل ذلك كتبي قد نشرت في دار نشر عالمية تدور بها في أقطار العالم فتمثلني و شعبي.
11- النثر موجود في الفصحی لكن هل دخول القصيدة النثرية في اللهجة الشعبية هو إساءة للشعر ام إنجاز؟
– لقد ولجت قصيدة النثر الشعر ولوجا عفويا فاحتلت مكانها و اصبحت جنسا ثالثا في الشعر ( العمود ، التفعيلة ، و النثيرة ) ،اما في الشعبي فلا استبعد ذلك كما قلت قبل ما یقارب ربع قرن عندما كتبت مقدمة علی ديوان الشاعر الدكتور عادل الحيدري “ديرة هلي” ،فلا أري مانعا أن يحاول من يجد في نفسه هذا النفس الشعري المنثور ،و لا اري فيه أية اساءة للشعر الشعبي.
12 – د.عباس هل تعتقد إن الأفضل شعراء الساحة الحاليين ام الجيل القديم و ما الأسباب بنظرك؟
– اعتقد ان هذا قياس مع الفارغ – ان صح التعبير- فالظروف تختلف و الأجيال تختلف و اللغة تغيرت علي ما كانت عليه . لنأخذ قصيدة من الشعر العمودي الحالي و نوازنها بقصيدة من شعر الشاعر الاهوازي السيد شهاب الدين ابي معتوق الموسوي الحويزي المشعشعي، أو الشاعر السيد علي الحويزي المشعشعي، هناك تظهر الفروق ، لغة و معنا و بلاغة ، فالقصيدة آنذاك كانت اكثر حبكة و جزالة من شعرنا الحالي . و الشاعر اليوم اكثر ميلاً إلی الصور الشعرية.
و إذا لابد من اجابة علي سوالكم هذا ،فالشعرالفصیح المعاصر من حيث الكم قليل جدا بالنسبة للعصر المشعشعي خاصة ، اما المحتوي فقد تغير في الشعر المعاصر تمشیا مع التطورات المعاصرة ، ولهذا لامجال للقياس بالماضي .
13 – . الشخص متي يتجه نحو الكتابة؟
-هناك مراحل يجب ان يمر منها الشخص ،و هي أولا، الشعور بالشعر أو الكتابة و من ثم التوجه الي العمل ، ان كان ثقافيا هادفا ، لامجرد نزعة سليقية ، فإن كان ثقافيا ، فعلي الشخص ان يعد العدة ، و هي اللغة و القواعد و البلاغة ، و القراءة و اهمها حفظ الشعر القديم و الحديث.
14 – هل انت مقتنع بما قدمته ؟
-انا راض لا مقتنع ، و حتي لو اقتنعت (من حيث الكیف) ، فاقتناعي لايغير شيئًا ،و علي ان أری رأي القراء لأعمالي ،أما من حیث الکم ، فلست قانعا و اطمح الی الأكثر و لدي اعمال انا منهمك في اعدادها .
15- ماهي النصيحة التي توجهها لكل شاعر مبتدئ في عالم الشعر المتلاطم بأنواعه هذه الأيام؟
– اقول “فديتكم يا شباب العرب” ،ها انتم تنظرون ما الذي يجري علي الساحة المجازية ،فلا تتعجلوا و انظروا قدر ما استطعتم في ما ينشر ، و ابحثوا عن هدفكم فيه ، ان كان شعرا فابحثوا فيه عن نقد الشعري و قواعد الشعر ،و ان كان هدفکم نثرا، فابحثوا عن النصوص التي تزيد کم تطورا في الأسلوب ومخزونكم اللغوي. و ارجوا ان تدرسوا المذاهب الأدبية ، كما اؤكد علي كل من يريد قول الشعر أن يتعلم قواعد الشعر الكلاسيكي اولا.
أما الصور الشعریة فهي رکیزة الشعر الیوم، فادرسوها ، وستجدونها في الشبکة العنکبوتیة، فالا تفتکم.
16- . مَن هو الشاعر الناجح بنظرك؟
– من يجد نفسه عند القراء، لا عند نفسه .
17 – .كيف تري المسار الثقافي في الأهواز و الي أين يتجه؟
– في هذه الاجواء المؤاتية و المضطربة في نفس الوقت ، يصعب القول في الحاضر و المستقبل ، لكنني اری الحركة الأدبية تدور عجلاتها و لابد من تغيير الی الافضل ،فكل مايدور حولنا أو معظمه لم یکن فی متناول الید سابقا، و الیوم هو أمام من یرید الانتفاع به . لکننی لست راضیا من شيء واحد و هو ان کل واحد منا یبحث عن نفسه في هذه الصفحات ،و لا بحث عن ضالته ،و هي الحكمة ، التي هي ضالة المؤمن .
18 – امنيتك؟
-اجيب كما اجاب الشاعر الفيلسوف ابوالطيب المتنبي :
“يقولون لي ما انت في كل بلدة و ماتبتغي؟ ما ابتغي،جُلَّ أن يُسمي”
19 -. عرفنا د.عباس بأشعارة الجريئة و الشجاعة و قصائدة الرنانة قبل قصائدة التراثية اللذيذة ،هل الشاعر الشجاع يؤثر أكثر أم إنه مبدأ خاص اتخذه دكتور عباس؟
– لو قـُـدِّر لي، لحملت خشبتي علي ظهري ،كما فعل الشاعر الشجاع دعبل الخزاعي ، و لكن ، هذا هو «جهد المقل »،و عذرا عن التقصير .
أما الشاعر الناجح فهو الشاعر الصادق الذي یتنفس الشعرویری تأثیر شعره.
كما قال الشاعر :
“اذا الشعر لم يهززك عند سماعه فليس حریاً ان يقال عنه شعر”