كيانها

لقد آثرنا أن نشرح فكرتنا شرحا مبسطا وتاما؛ ذلك أننا نرى الضرورة في إزالة الشبهات عن العمل النسوي الجديد في الأهواز، ونرد على بعض التهم الواردة وغير الواردة ونترك الحكم للقراء والقارئات معًا.


إن النشاط النسوي في الأهواز لا زال غريبًا وعجيبًا ومشوهًا عند أغلب الناس، ببساطة لأننا ضمن شعب يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة؛ ويتضح ذلك من خلال الخلل الذي نجده في دوائر التعليم والاقتصاد والثقافة المتذبذبة والتاريخ المهمش، و…إلخ. فلا زال المجتمع يتعثر في الحصول على الماء في بعض القرى، وغيرها من أمثلة أخرى. لهذا تبان فكرة مثل فكرة المرأة، ثانوية ولا تستحق النقاش في ظل هكذا ظروف، لكننا ارتأينا أن ندخل إلى الموضوع من بدايته.
نحن نعلم أن الشعب الواعي يستحق أن يعيش حياة كريمة دونما مذلة، ولكن عن أي شعب واع نتحدث؟ هل شعبنا شعب واع؟ قد تختلف الآراء في الرد على هذا السؤال، وقد يبدو سؤالا تافها للبعض؛ إذ إنه بدهيا للغاية، غير أن ما يجعلنا طرح هذا السؤال هو الولوج إلى قضية المرأة من حيث لا تخرج عن دائرة الوطن الواسعة، إذن لا بد لنا أن نبدأ من الصفر للإيضاح. حسنا إذن نرجع إلى السؤال الذي طرحناه آنفًا: هل شعبنا شعب واع؟ برغم الاختلافات التي تورد في هذا السؤال، ثمة معايير تعيِّن الشعب الواعي عن غيره، ويؤسفنا القول إننا نفتقد أغلب هذه المعايير.
إذن وعبر عملية تواصل الأسئلة، نجد سؤالا آخر لا بد أن يطرح في ظل عدم وعي شعب إذا ما أردنا الدخول إلى التوعية من بابها الصحيح، لا اللف والدوران بواسطة منشورات تكثر فيها كلمة الوطن دون أن يشعر صاحبها بضرورة الوطن؛ كيف نصبح شعبًا واعيًا؟
السؤال الآنف رد عليه الكثيرون قبلنا، لا سيما الكتب في جميع بلدان العالم، لكن هناك قاعدة التزم بها المتنورون التزاما شديدًا، حتى توصلوا إلى أن غض النظر عن تلك القاعدة ضربًا من المستحيل، إذا ما أردنا صنع شعب واع؛ والقاعدة الأهم كانت لا يمكن النهوض بشعب دون نساءه، لأننا نعلم ونكرر دائما أن المرأة نصف المجتمع، فلنا أن نتخيل كيف يكون حال مجتمع دون نصفه الآخر؟
أظننا كشفنا وجهة السؤال القائل إن موضوع المرأة في الأهواز موضوع ثانوي، ومن يهتم بهذا الموضوع يقصد تضليل الشعب عن مطالبه الأولى، ونحن نقول له كيف تتم المطالبة بحق مجتمع ما إذا كان نصفه نائمًا؟
وخلاصة القول إن من يفكرون بهذه الطريقة لن يتقدموا قيد أنملة، هذا إذا لن يصبحوا حجرا بطريق التوعية الصحيحة، ولنا أن نسأل نحن أن المرأة كانت مغيبة في العقود الماضية وهل تغير حال الشعب؟
والتهمة الأخرى كانت أن الفكر النسوي يبعد المرأة الأهوازية عن ثقافتها ويجعلها ترى الرجل الأهوازي وحشًا وبالنهاية تلتجئ إلى الثقافة الأخرى عبر الزواج وذم شعبها. لنتوقف هنا ولنسأل عن مدى التزواج بين ثقافتنا والثقافة الأخرى، ولنرجع إلى العقود السابقة لنرى أن التزواج كان ولا زال قبل وجود الفكر النسوي في الأهواز، بل حتى أبعد من ذلك، هناك شيوخ من تزوجوا بنساء من ثقافات أخرى وهم من بدأوا بهذه الزيجة أصلا واتخذوا لأبنائهم أسماء من الثقافة الأخرى دليلا على التلاحم؛ وأذكر مثالا على هذا السبيل، أني تعرفت بامرأة عجوز على وشك الموت قالت إنها بختيارية_عربية، ودهشت لما سمعت منها أن قبل ثمانية عقود تزوج جدها بأمها البختيارية، والأدهى أنه كان شيخا لقبيلة لا أذكر اسمها في مدينة تستر، ولنا أن نتساءل الآن عن الأسباب التي سببت بتفريس مدينة تستر؟ إضافة على أن ثقافته العربية لم تؤثر بأبناءه، بل الغلبة كانت لثقافة زوجته. وبالطبع لا أقصد لوم من تزوج بزوجة من ثقافة أخرى بل كل ما في الأمر أكشف عن التهمة التي حاول البعض لصقها بالفكر النسوي.
إذن إذا لم يكن الشيخ قبل ثمانية عقود وقبل أن تلعب السينما والدوائر التربية دورها، وعندما كانت الناس تنظر إلى الشيخ بنظرة قدسية، مسببا فكيف نلقي التفريس على عاتق النسوية العربية؟
لكن ما سبب الزواج والالتجاء إلى ثقافة الآخر؟ علينا أن نسأل من مررن بتجربة زواج مماثل لنعلم الدافع الأساسي لهذه الزيجة، ونرى في بعض الأحيان يلعب الانبهار دوره وفي بعض الأحيان الأخرى يلعب النفور دوره؛ ولكن هل كيانها سبب الانبهار؟ الإجابة واضحة نحن لم نمدح الثقافة الأخرى ولا مرة كي نكون مساهمات في الانبهار، لكن ماذا عن النفور؟
وهنا يمكن التضليل إذا نظرنا إلى الأمر بسطحية دون تمحيص الموضوع تمحيصا دقيقا؛ ذلك أن الانبهار والترويج لثقافة ما يجعل الفرد ينفر من ثقافته حتى وإن لم ير دافعا لذلك النفور، بكل بساطة لأن المراكز الثقافية في الأهواز تدعم ثقافة غير عربية؛ لا سيما التاريخ والأدب والفن والسينما و…، لذا من المنطقي أن نمحص الموضوع دون أن نلقي بفكرة على عاتق الفكر النسوي لا يدعمها الواقع المفروض. والطريق الأفضل لحل هكذا مواضيع أن نقوم بتصليح الفكر الخاطئ عند شعبنا بدل أن نغطي على الأخطاء باسم جلد الذات(هذا المصطلح يستخدم بغير محله في بعض الأحيان) كي يتعاظم التخلف تحت الستار لدرجة يصبح ترويضه صعبا للغاية.
إن قتل النساء في الأهواز لا يصل لمعدل القتل في جغرافية إيران، مع أننا لم نأخذ إحصائية دقيقة، لكننا لم نتطرق إلى الإحصائيات، ولسنا في منافسة من يقتل أكثر ممن! والقتل الأكثر في المدن الأخرى لا يعد دليلا منطقيًا لإهمال هذا الموضوع في الأهواز وإن كان عدد القتل قليلا كما يزعم بعضكم.
وبالختام نشير إلى الأفضال التي نُسبت إلى القبيلة زورًا، وهي تنديد قوانين النهوة والفصلية والصداق، أظنها عملية مجحفه أن ننسب عمل الناشطين في حقبة مهمة أهوازية إلى المضايف، خاصة إذا كانت النهوة والفصلية ليست آيات منزلة بل وليدة هذه المضايف ذاتها، لكن تغير الموضوع بعد أن تفككت القبيلة من نظام واحد يحكم الأفراد، إلى البيوت التي صار لها استقلالها في التصرف بشأن الشؤون الأسرية تحت ظل القبيلة.
كذلك الفكر النسوي الصحيح لا يفرّق بين الجنسين لأنه يحاول تبديد الفكر الذكوري الذي يرتكز على أفضلية جنس الرجل على المرأة، فيما الفكر النسوي الأهوازي فكر إنساني لا يظلم الرجل في خطابه ويدافع عن الجنس الذي يسمى بالأدنى، لكن لماذا لا نرى عيوب القبيلة؟
نتساءل كم شخص يموت سنويًا جراء النزاعات القبلية، وكم أسرة تتحطم جراء تعصب القبيلة؟ ألا يعد هذا تفريقا بين الشعب؟ ومسببا للتأخر؟ ببساطة نرى هؤلاء الذين ينتقدون نشاط حقوق المرأة هم الذين يصمتون إزاء الأغاني والمهوال، و…، التي تجحف حق المرأة بتصويرها جنس أدنى.


کیانها (صوت المرأة الأهوازية)

اضغط هنا للأنضمام في المجموعة الأولى

اضغط هنا للأنضمام في المجموعة الثانية

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات