قرى الحايي: من فيضان الكرخة إلى انتظار الصهاريج!/زكية نيسي

قرى الحايي: من فيضان الكرخة إلى انتظار الصهاريج!/زكية نيسي

عندما كان نهريْ الكرخة وشاوور يؤمِّنان مياه الشرب والزراعة والمواشي في القرى التابعة لمدينة الحايي(تقع مدينة الحايي على بعد ٣٥ كيلومتراً من مدينة الأهواز) كان حينها كل شيء مخضوضر وينبض بالحياة. أما اليوم وفي هذه الأشهر الصيفية بدرجات حرارة مرتفعة بسبب التجفيف الناتج من بناء السدود على نهر الكرخة، أهمها أكبر سد ترابي في الشرق الأوسط؛ أي سد الكرخة على نهر الكرخة في عام ١٩٩١ ميلادي وسد السيمرة في عام ١٩٩٧ ميلادي، تعرض نهر الكرخة إلى جفاف واسع، إذ صرَّح أهالي قرى الحايي: إن المياه تمر وبشكلٍ قليل، قد لا تتجاوز المرة الواحدة في الشهر.


وايضا نهر شاوور وبعد جفاف نهر الكرخة، بسبب قلة كميه المياه فيه غير قادر وحده على تأمين المياه لهذه القرى. ومن جانبه تجري المياه بشكل محدود وموقت في النهر.

 

وكما نشاهد في الصور، (من قريتي سيد كرم و سيد حسن) يتم نقل المياه بالصهريج لقرى تابعة لمدينة الحايي في الأهواز، مما يدل على الجفاف الواسع الذي تعاني منه هذه القرى. (في إحدى الصور يظهر إن الجاموس قد علقت فی النهر بسبب الجفاف وبمياه الصهريج يحاول الشخص ينقذها وهذه الصورة في قرية سيد حسن).

 

في الحقيقة القرى التابعة لمدينة الحايي، تعيش حرمان أوسع من حرمانٍ كانت عليه من قبل الجفاف، حيث وبالرغم من قربها لنهر الكرخة، إنما الناس كانت ومازالت تعيش على آبار في بيوتها وكانت مياه الآبار، أي المياه الجوفية القريبة من نهر الكرخة والتي تغذيه قبل الجفاف كان صالحا للشرب، أي أهالي القرى كانوا ومازالو محرمين من شبكة توصيل مياه في البيوت ولكن اليوم الوضع قد تأزم بشكل غير مسبوق.

تقلصت المياه الجوفية، بعد جفاف نهر الكرخة، وزادت ملوحتها وكما يصرح الأهالي، حتى في ساعات الصباح المياه مالحة ولا يمكن استخدامها للشرب. والمؤلم أن في حال يتم غسل الجاموس التي تعتمد حياتها على المياه؛ بهذه المياه تتعرض لالتهابات جلدية.
تسبح الجاموس بسبب طبيعتها البيولوجية، عده مرات في اليوم، وتعوم في مياه النهر لساعات طوال النهار، بسبب أن قدرة تحمل الجاموس أمام سطوع حرارة الشمس المباشرة ودرجات الحرارة المرتفعة، قليلة جدا. وأيضا للهروب من الحشرات المؤذية واللادغة تلطخ جسمها بالطين والمياه، أي نور الشمس المباشر والتغيرات الجوية الشديدة والمفاجئة تسبب للجاموس الأمراض أو حتى الموت، لهذا هذه الحيوانات بحاجة ضرورية للمياه بشكل مستمر.

جفاف نهر الكرخة بشكل عام سبب نفوق واسع للجاموس، في صيف ٢٠٢١ في الأهواز المدينة، وخاصة في منطقة هور العظيم وفي مدن الإبستين والرفيع.
وحسب تصريحات رئیس منظمه الجهاد الزراعي في الأهواز حتى أواخر شهر تموز نفق ٣١٨ عدد من المواشي الجاموس والبقر و ٥٠٠ عدد من الأغنام، والخسائر تصل الى ٧٠ ألف ميليار ريال ايراني بسبب الجفاف الناتج من جفاف نهر الكرخة، وخاصة في مدن الإبستين والرفيع وهور العظيم.

 

اليوم وبعد جفاف نهرالكرخة وبعد أن كانت جُرفيْ هذا النهر تتلاطم بالأمواج، وضعت أهالي قرى الحايي أمام الأمر الواقع الأشد إيلاما وهو اعتماد حياتهم على صهاريج نقل المياه، إذ في المجموع عشرة صهاريج، تأمن مياه شرب قرى الحائي في الوقت الحالي.

من أهم هذه القرى يمكن أن نذكر:
قرية العشارة الصغيرة
قرية العشارة الكبيرة
قرية سيد حسن
قرية سيد قضبان
قرية سيد جايم
قرية سيد فرخي
قرية بيت ياسر
قرية سيد كرم
قرية سيد طاهر

كانت حياة أهل القرى تعتمد اقتصاديًا على الزراعة وتربية المواشي، أي البقر والجاموس والأغنام التي يتأمن مياهها من نهري الكرخة وشاوور. لكن، بعد الجفاف المتوسع تعطلت الزراعة، ومياه الشرب. وأيضا المياه الضرورية للمواشي لا يمكن توفيرها بصهاريج المياه، لأنها كميات محدودة ومؤقتة وغير كافية لاحتياجات يومية واسعة.

ويصرّح أهالي القرية أن مع مجيء الصهريج تهرول الجواميس إليه، وتلجأ لظله وتهرول للمياه التي تتجمع جراء تسرب المياه من مخرج الصهريج، وكما بالصور، يتم رش المياه على الجواميس بمياه الصهريج محاولة من أهل القرى لإنقاذهن من الموت بسبب اعتماد حياتهن المباشر على المياه.
كما أيضا يجتمع الأطفال حوالي الصهريج وفرحهم برش المياه، يدل على جفاف وحرمان القرى من المياه الصالحة والعذبة، وأيضا يدل على حرمانهم من أبسط إمكانات الترفيه؛
فهي قصة مؤلمة لأهالي القرى التابعة لمدينة الحايي، القرى التي تعاني من الجفاف والحرمان والعطش والشح بقرب نهر الكرخة، بينما منذ سنين تعتمد حياتهم على مياه الصهريج غصبًا وقهرًا.

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات