قراءة في رواية “رقص با كوسه ها” أي الرقص مع القروش/عماد ناجي

قراءة في رواية “رقص با كوسه ها” أي الرقص مع القروش/عماد ناجي

رواية “رقص با كوسه ها” للروائي الأهوازي هادي هيالي تعد من أهم الروايات التأريخية الأهوازية المكتوبة باللغة الفارسية و كون الكاتب عاصر الأحداث المروية في الرواية فهو شاهد على ما جرى في تلك الفترة الزمنية و المراحل الصعبة و الحساسة التي مرت على شعبنا من بؤس و بطالة و فقر وظلم و شعور بالتمييز و الإضطهاد من جهة و من جهة أخرى تزايد الوعي القومي و الجماهيري نتيجة لظهور النشاطات القومية و الوطنية.

 يبدو ان أغلب الشخصيات الحاضرة في الرواية حقيقية ،لكن بأسماء أخرى و الرواية ترتبط بالمكان و الزمان حيث تتراوح أحداثها في السبعينيات من القرن الماضي (الميلادي) و تتحدث عن المعاناة التي واجهها شعبنا الأبي آنذاك حيث كانوا يتحدون الصعاب لكسب لقمة العيش و يغامرون بأنفسم بالعبور لدول الجوار عبر إجتيازهم الحدود سيراً على الأقدام و كما يعرف هذا الموضوع عند الأهوازيين و يقال له بالهجة الدارجة “الكعيبر”.

تتناقل الأحداث في مدينتي المحمرة و عبادان و ثم تنتقل الى العراق و سورية والكويت و في النهاية العودة إلى المحمرة قبيل إندلاع الثورة في سنة 1979.م .

الرواية مكتوبة بإسلوب سهل وسرد غيرمعقد و بطريقة سلسة و مشوقة حيث انها تجذب القارئ ليتخيل أحداثها و يتشوق لإكمال قرائتها.

تعددت الشخصيات في الرواية و هذا مما أعطى مساحة كبيرة لإلقاء الضوء على مدى المعاناة التي واجهها أبناء شعبنا.

من ميزات الرواية تسمية المدن الأهوازية بأسمائها العربية و هذا يعطي تفائل أكثر للقاريء و يحفز ذاكرته التأريخية بالنسبة لجغرافية المنطقة.

أما من الناحية الفنية في هذه الرواية استخدم الكاتب تقنية السرد التراكمي حيث إن مثل هذا التداخل السردي يعني فيما يعنيه، تقسيم الحكاية إلى مجموعة من الأحداث المكتفية بذاتها معنى ودلالة، لكنها لا يمكن أن تعطي المعنى العام للحكاية الأم ما لم تتداخل مع بعضها، حيث يتداخل الأول بالثاني و الثاني بالثالث، وهكذا يستمر التداخل حتى تكتمل الحكاية، أي أن الحدث يركب على الحدث الذي قبله، ويدخل في الحدث الذي يليه و هذا يعد من إيجابيات الرواية.

 يقال أن دينامية الخيال تنعش الذاكرة و تولد لغة شعرية في السرد في وصف المكان و يستطيع الكاتب أن يقدم شهادة على لحظة تأريخية و الكاتب هنا أستطاع أن يوصف الشخصيات بشكل جميل و قابل للفهم ،لكن بالنسبة للمكان و خاصة مدينة المحمرة لم يقم بالسرد الوصفي الكافي للمكان و لم يحاول أن يعطي الصورة الواضحة له كما ينبغي ، حيث أن القاريء من الجيل الحاضر الذي لم يعايش تلك الفترة، لايمكنه التواصل بشكل دقيق مع جغرافية المكان و لا يحفز له ذاكرة المكان .

ايضا” الروائي في هذه الرواية حاول استخدام تقنيات الإسترجاع و التناوب الزماني بشكل جيد ، أما من زاوية أخرى نرى أن الرواية تحمل في طياتها لغات التواصل المتعددة كالتأريخية و الإجتماعية و السياسية و الكاتب حاول بأستخدامه هذه الأدوات عنوة ليروي لنا الأوضاع الإجتماعية و بعض الأحداث السياسية حيث نشاهد لها الحضور الواسع في الرواية و الكاتب من خلال النص يبني صوراً سردية مشحونة بالدلالات القومية و الإنسانية.

ايضا” بما أن الرواية حقيقية و ترتبط بالقرن الماضي و الحقبة الملكية و النظام الملكي البائد ، في أحد الحوارات التي دارت بين بطل الرواية “هيثم” و معلمه (ص١٠٠) ذكر حدث تأريخي غير موثوق و الكاتب هنا لم يكن دقيقاً في نقل هذا الحدث التأريخي من تأريخنا الشفوي حيث أن الرواية حسب قول الروائي الفلسطيني المعروف، يحيى يخلف بالإضافة الى عنصر المتعة الفنية يمكن أن تكون أيضاً وثيقة إجتماعية و تأريخية و مرجعاً في الدراسات الإنسانية .

بالأخير لايسعني الا و أن أشكر الكاتب و الروائي القدير الأستاذ هادي هيالي لجهوده الحثيثة و الجبارة في كتابة هذه الرواية الجميلة و الأكثر من ممتعة .

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات