تقتضي الحیاة الریفیة حمل السلاح کالبندقیة لحفظ المواشي من السرقة والأضرار التي تلحق بمحاصیلهم من الحیوانات المفترسة کالخنازیر وبنات آوی، والسلاح في القریة یعد أمرا ضروريا للدفاع عن أنفسهم وأموالهم.
عاد إلی منزله منهکا من حراسة مزرعته من تلك المفترسات طوال اللیل. أسند بندقیته خلف باب الغرفة ونام رغدا. لم یعد البیت هادئا جراء لعب غزال وشجارها؛ طفلته ذات العشر سنوات وأخوها البالغ خمس سنوات من عمره. دائما یريان أباهما وهو ینظف البندقیة وهما ینظران إلیه متحمسين. يستحضران مشاهد الأکشن لشخصيات كرتونية في ذهنيهما ويطلقان النار على بعضهما البعض في الهواء بأيديهم الطفولية، وتخيل لهما ساحة معرکة مثیرة لعدة ساعات. انتهزا الفرصة لملامسة البندقیة في عالم الواقع عندما كان أبوهما نائما. أخذ الطفل السلاح المسند وأطلق رصاصة علی أخته ورماها میتة علی الأرض وختم اللعبة بختام حیاتها القصیرة. الکل لام الأم علی لامبالاتها في رعایة الأطفال وعدم کفائتها في إدارة شؤون المنزل وزوجها وأطفالها.
– أین کانت حینما لعب الأطفال بهذا السلاح الخطر؟
-کیف لم تنتبه للمكان الذي يضع زوجها المتعب بندقیته فيه؟
-طفلين وفشلت في التحكم بهما فکیف لو کانت أمًا لعدة أطفال؟
ناهیك أن المرأة الریفیة إضافة علی القیام بالأعمال المنزلیة فهي مسؤولة عن الاعتناء بالمواشي ومساعدة الزوج في الزراعة.
اتصل أخي لتعزیة أسرة الأم الفاقدة لطفلتها والمقموعة من قِبل المعزین لهذا الفقد الجزیل. شکر الوالد أخي وقال له: «الحمد لله أن الطفل أصاب أخته ولم یطلق النار علی والدته، فحینها ماذا كنا سنفعل؟ من یصدق أن الطفل هو من قتلها ولم يقتلها زوجها؟ سوف یتهمون بنتنا بالخیانة الزوجیة وشتی الفواحش»
تری هل دم النساء رخیص في هذا المجتمع؟
من یلوم الرجل علی عدم مبالاته في إبقاء السلاح في المنزل وتنظیفه أمام ناظري الأطفال وإهماله في الاحتفاظ به وعدم مسؤولیته في تربیتهما؟ ومن یلوم الرجل إن قتلت زوجته بدل ابنته؟ وهل یعاقب الرجل علی قتل المرأة إن کانت زوجته أو ابنته؟
المرأة في مجتمعنا، حیاتها ومماتها معرضان للسلطة الذکوریة المتعسفة. غزال ماتت ببرائتها ویحمد علی قتلها لأنه لم یلطخ شرف الأسرة وأمها تتلقی اللوم لعدم الحفاظ على فلذة کبدها ویسائلونها أنها لم تمت بدل منها ولم تنهدر کرامتها وعلیها أن تفرح بدل البکاء والعویل.
المرأة في المجتمع الذکوري تتحمل کل أعباء الحیاة بکل طیاتها وتدفع ثمن أخطاء الرجل والمجتمع وهي مسؤولة علی شرف الأسرة سواء کانت حیة أو میتة والرجل لا یُسأل عن أعماله من حیث أتی لأنه الجنس الأول والمرأة هي الجنس الثاني.