- زينب الكعبي-الأهواز
لقد خلق الله تعالى آدم وخلق حواء من نفس واحدة وجعل أول مسكن أسري وبيت زواجي لهما الجنة، ثم شاء الله تعالى وبعد صراع وغواية من الشيطان أن يهبطهما إلى الأرض، حتى يعمراها وبنوهم بالعدل والخير، وقد رعاهم الله بالرسالات السماوية عبر الأزمان، وبدعوة الأنبياء والمرسلين التي قامت في المجتمعات الإنسانية حتى خُتمت بالقرآن الكريم وبدعوة خاتم المرسلين (محمد) صلى الله عليه وسلم، انحرفت البشرية عبر العصور في معظمها عن عدالة السماء وأوقعت كثيرا من الظلم على مجتمعاتها هنا وهناك، وكان من أبشع الظلم هو العنف الاجتماعي و الأسري الذي نسف معاني المودة والسكينة والمحبة والرحمة، وصار هذا العنف الأسري ظاهرة بين سرية وعلنية، والعلني قليل أمام مالا يعلم وما يجري خفية تحت ستار العادات والتقاليد والأعراف والقوانين وكل ذلك خلافا للتوجيه الإسلامي، والتشريع الإلهي، والنور الرباني والعقل المستنير الإنساني.
هل تعلمون ما هي أهم مؤسسة تربوية في العالم؟
أهم وأخطر مؤسسة تربوية في المجتمعات والعالم هي الأسرة،ففي أحضانها يبدأ النشء في تعلم مبادئ الحياة، والأسرة هي عبارة عن مجموعة من الأفراد يجمع بينهم رابط مقدس وهو الزواج ونتيجة هذا الرابط تمتد الحياة من خلال الأطفال الذين يواصلون مسيرتهم الحياتية وهم جميعًا يعيشون في بيت واحد. والعنف هو استخدام القوة المادية أو المعنوية لإلحاق الأذى بالآخر استخدامًا غير مشروع، ويشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها وعنف الوالدين تجاه الأولاد والعكس صحيح، كما أنه يشمل العنف الجسدي والجنسي واللفظي والتهديد، والعنف الاجتماعي والفكري وأخطر أنواعه مايسمى بـ(القتل من أجل الشرف).
للعنف أنواع كثيرة وعديدة منه المادي المحسوس والملموس النتائج، الواضح على الضحية، كالإيذاء الجسدي والقتل والاعتداءات الجنسية ؛ ومنه المعنوي الذي لا تجد آثاره في بادئ الأمر على هيئة الضحية لأنه لا يترك أثرًا واضحًا علي الجسد وإنما آثاره تكون في النفس، ومنه الإيذاء اللفظي والحبس المنزلي أو تقييد الحرية والطرد من المنزل، والضحايا في العنف الأسري هم الأطفال والنساء والمعاقين والمسنين. وللعنف بشكل عام أسبابه التي يمكن تلخيصها في التالي:
1-ضعف الوازع الديني وسوء الفهم.
2- سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة.
3-غياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة.
4-سوء الاختيار وعدم التناسب بين الزوجين في مختلف الجوانب بما فيها الفكرية.
5-تعاطي الكحول والمخدرات.
6- ظروف المعيشة الصعبة كالفقر والبطالة.
- دوافع العنف الأسري:
1-الدوافع الذاتية: وهي تلك الدوافع التي تنبع من ذات الإنسان ونفسه، والتي تقوده نحو العنف الأسري.
2- الدوافع الاقتصادية: في محيط الأسرة لا يروم الأب الحصول على منافع اقتصادية من وراء استخدامه العنف إزاء أسرته وإنما يكون ذلك تفريغًا لشحنة الخيبة والفقر الذي تنعكس آثاره بعنف من قبل الأب إزاء الأسرة.
3- الدوافع الاجتماعية: العادات والتقاليد التي اعتادها مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل- حسب مقتضيات هذه التقاليد -قدرًا من الرجولة في قيادة أسرته من خلال العنف، والقوة وذلك أنهما المقياس الذي يبين مقدار رجولته، وإلّا فهو ليس في عداد الرجال.
هذا النوع من الدوافع يتناسب طرديًا مع الثقافة التي يحملها المجتمع، وخصوصًا الثقافة الأسرية فكلما كان المجتمع على درجة عالية من الثقافة والوعي، كلما تضاءل دور هذه الدوافع حتى ينعدم في المجتمعات الراقية، وعلى العكس من ذلك في المجتمعات ذات الثقافة المحدودة، إذ تختلف درجة تأثير هذه الدوافع باختلاف درجة انحطاط ثقافات المجتمعات.
ويجب أن يعلم الزوج والزوجة أنهما في هذه الحياة امتداد للجنس البشري، لهم رسالة في الحياة ستنتهي بنهايتهما وسيحملها غيرهما من بعدهما، فليتركا لهما ذكرى حسنة وحميدة. وهكذا أنني أرى أن الأسرة المبنية على الأسس الصحيحة لتكوين الأسرة الإسلامية لن يحدث فيها العنف، لأن الزوج الموصوف والمتسم بالخلق والدين لن تمتد يده لزوجته وأبنائه، وتلك الزوجة التي اختيرت على أساس دينها لن تمتد يدها لتضرب زوجها، ولن ينطق لسانها بما يؤذي زوجها وسيمنعها حياؤها ودينها من ذلك، وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:(خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
علموا أبناءكم أن في هذا الكون أشياء مهمة وهم من ضمن هذه الأشياء، وهناك أشياء أهم من رضا الناس، وسخط الناس ونظرة الناس؛ علموا أبناءكم أنهم أقوياء، فالله يحب الأقوياء، علموهم الإصرار والمثابرة وعرفوهم حقوقهم مثلما تعلمونهم واجباتهم.
اليوم الكثير من تفاهات المجتمع جعلت أغلب الفتيات في البلاد يخترن العزلة عن العالم أو ينتحرن!
هل فكرتم ما هو السبب؟ لماذا تتعرض البنت العربية للعنف في وقتنا الحالي من قبل الأسرة والمجتمع وتختار الانتحار لتسكين روحها ؟
كما أشرت من قبل أهم وأخطر مؤسسة تربوية في الحياة هي الأسرة علموا بناتكم أن هناك أشياء أهم من رجل في حياتها تفني عمرها معه هباءً، علموها ألا تخاف من المستقبل لأنها فقط فتاة، علموها أنها سكن ووطن وأم ومدرسة للأجيال دعوها تدرس وتتعلم وعلموها مخافة الله سبحانه وتعالى قبل مخافة أي أحد وأي شيء، لا ترهقوها بتفاهات المجتمع، ولاتنهكوها داخل البيوت، دعوها تعيش كما عشتم وتجرب كما جربتم وتصيب كما أصبتم وتخطئ كما أخطأتم؛ دعوها تحلم، وتخطط، وتنفذ. دعوها حرة كما خلقها ربكم وأكرموها كما وصّاكم نبيكم وارحموها من سوء ظنكم واحموها من مرضى النفوس ومن شاكلهم، تعزيز ثقة البنت بنفسهامن قبل والديها تعطيها القوة في عدم السكوت عن حقها، وقد تصبح بذلك صديقة أهلها وتحدثهم بكل ما يؤذيها، العادات والتقاليد المكتسبة من أجدادنا قد لاتنفعنا اليوم إنها تأخرنا عن زمننا، نحن في عصر كل ما فيه يتغير باستمرار والعالم في تطور والمرأة هي من تربي الأجيال وتعلم وتنشئ وتتعب أضعاف الرجل لكن القليل منا يعرف حقوقها للأسف.
بدلًا من انتظار فارس أحلام ينقذكِ، تعلمي قواعد الفروسية وكوني الفارسة لنفسك وغيّري حياتكِ، اقرئي وازدادي ثقافة، وسعي مداركك وحققي أحلامك وكوني فتاة يتمناها كل رجل، فالواقع يختلف عن حكاية سندريلا والأميرة النائمة.
زينب الكعبي _الأهواز
المراجع:
1-ورقة عمل مقدمة من دار التربية للفتيات/ الشارقة في المؤتمر
العربي الإقليمي لحماية الأسرة. المقام في الأردن.
2-موقع المستشار /http://www.almostshar.com
3 -شريط الأسرة ــ صلاح الراشد.
4- بعض الحلقات التلفزيونية المهتمة بالأسرة.