في سياق ما تم نشره في السنوات الأخيرة حول الأماكن التأريخية في الأهواز و ضرورة تدوين الذكريات و كتابة المذكرات و توثيق الذاكرة الشفوية ،يجب أن ننوه أن هناك مدونات كثيرة لاتزال محفوظة في ذاكرتنا الطفولية و الشبابية و بإستطاعة أي شخص أن يكتب و يدون ذكرياته و ينقل فيها تجاربه الثمينة و يوثق ذاكرة الزمان والمكان.
مما لا شك فيه من يكتب عن ذاكرة المكان هو في الواقع يكتب عن هوية المكان و رمزيته و بهذا العمل الرصين و الذات قيمة فائقة لكتابة الذكريات و توثيق الذاكرة الشفوية يستطيع أن يحيي ذاكرة الشعب و يخيب آمال الذين راهنوا على ذوبان ثقافتنا وموت ذاكرتنا الأهوازية.
فعلينا كشعب حي يعشق الحياة و يحاول محو غبار النسيان عن الذاكرة و إنعاشها و يريد أن يحافظ على هويته و صيانتها من الطمس و الإندثار ، أن نكتب عن ذاكرة الزمان و المكان و نعرف من خلال الصورة و النص ،هوية المكان و نوثق ذكرياتنا لتصبح نصوص وثائقية تتناقل للأجيال اللاحقة و توثق الذاكرة الشفوية.
لا يخفى على أحد أن هذا العمل التوثيقي يعد من أهم الواجبات الثقافية و الوطنية و يؤسس لمشروع وطني هام يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار و لا يقتصر فقط على كتابة الذكريات الجميلة والمذكرات و اليوميات ،بل مع وجود التقنيات الحديثة يجب أن يتطور على نطاق أوسع ،حتى يبصر النور و يتم من خلاله التدوين البصري و توثيق بعض جوانب الواقع بعيدا” عن الخيال و تنتج منه الأفلام الوثائقية.
نظراً لما تحمله الأفلام الوثائقية من رسائل ايجابية فالفيلم الوثائقي يجب أن يبث الرسائل الإنسانية التي غايتها التحفيز و لفت الإنتباه لأجل توسيع مدارك المعرفة و الفهم و رفع مستوى الوعي لدى المشاهد.
مجتمعنا اليوم بحاجة ماسة لأفلام وثائقية توثق اللحظات و الأماكن و أوضاع الناس و مأساتهم و افراحهم و ذاكرة المكان و الزمان ، فهي اللغة الأصدق لنقل الواقع و هي من متطلبات العصر لتروى لنا كل القصص و الروايات المختبئة في صدور و ذاكرة الناس عبر شاشات التلفاز و السينما و مواقع التواصل الإجتماعي، وكما يقول الكاتب المسرحي عباس الحايك في هذا الشأن “نحن بحاجة للفيلم الوثائقي لأن يغامر صناع الأفلام الشباب لعالم هذه الأفلام ، لنكون ذاكرة بصرية فيلمية ضرورية” .
الفيلم الوثائقي يمتلك إمكانية التعبير عن واقع المدينة بكل تناقضاتها و جمالية القرى و الأرياف و الطبيعة و البيئة المحيطة بنا ،فمن هذا المنطلق الساحة الأهوازية لها من طاقات و مواهب كثيرة تستوعب كل ذلك للتوثيق و الإنطلاقة نحو التعريف بمجتمعنا و قضايانا و إعطاء الحلول الواقعية و الفهم الحقيقي من الواقع المعيشي .