صوتُ الأنفاس/طه يس قنطاب

صوتُ الأنفاس/طه يس قنطاب

ذكرُ الحبيبِ مُثيرٌ فِيَّ وسواسي
حتّى جننتُ و عني مالَ جلَّاسِي

ذكرُ الليالي الَّتِي بيضٌ بِمَنظرِنا
و صبحِها المفضحِ المُدجِي بإِدْماسِ

مازالَ عقليَ في لَومي يُنفرني
حسنَ الحياةِ فماذا لومةُ الناسِ

أشْكو الهوَى لِمِدادي ثمِّ ألمَحهُ
بكائه الشعر من محض منَ الماسِ

دَفاتري إنْ كَتبتُ الشعرَ لَائِمَتي
مِنْ ثُقلِ هَمي لِما حمَّلتُ قِرطاسِي

و هاجسٍ يَستفزُّ الروحَ في أرَقٍ
يأتي فَيمنَحُني شَوقاً لِمَيَّاسِ

يَجلو الخواطرَ عنْ أولَى أحبَّتِها
كأنَّ مخرجَها منْ جوفِ أَرْماسِ

يَجذُّ حَبلاً يُدانيهَا و واقِعَها
وَ يَمزُجُ القَلبَ إحْساساً بإحساسِ

صبابةٌ نَوَّختْ بِي كلَّ آونةٍ
و الحُزن تُلقيهِ أكواراً بِأَمْراسِ

و تَمْلءُ القلبَ أشواقاً وَ والهةً
تقلقلُ النفسَ أوصاباً بأَوجاسِ

هَذا النُّحولُ أنابيباً لَها جُذُرٌ
وسطَ الفؤادِ غَذاهَا الهجرُ باليَاسِ

و لحظةُ الوصلِ تُنْسي طولَ مَقدمِها
و لنْ يُنَسِّيَنيها ذلكَ القاسِي

ضجَّ الفَضاءُ و إهداءُ السماءِ نَدًى
يَعلو علينا بِحُسنٍ ثَوبُها الكاسِي

فَخَامَرَ الوجهَ وجهَ الحبِّ وجنتُهُ
رقَّتْ عنِ الماءِ فِي لطفٍ وَ إِملاسِ

حتَّى انْثَنَينَا و أبدى لُؤلُؤاً شَنَباً
تُغشَى بِظَلمٍ رقيقٍ بيضُ أَضراسِ

فَكانَ أطربُ صوتٍ في مُعَانَقَةٍ
خفقَ القلوبِ؛ و بعضاً صوتَ أنفاسِ

و عقربُ الصِدغ تَجلو في عوارضهِ
كأنَّما أثلٌ يُسقَى بأنقاسِ

يَنمو على صفحةِ الخَدينِ مَرتسلًا
و لَمّ تَجِدْ أَثلاً يَنمو بنبراسِ

مقذوفةٌ بطريِّ النحضِ خاصرةٌ
رقصاً تموجُ كموجِ الرَّاحِ بالكاسِ

في راحتَيْ عاشقٍ من وجدهِ ثمل
رجفاء من هَرَمٍ عانى مِنِ افلاس

يَشكو الفراقَ و يَذري الدَّمعَ منْ شَجَنٍ
منْ طرْفِ نجلٍ طويلِ الموقِ نعَّاس

يقول و الفجرُ قد صفَّت كتائبهُ
و دُقَّ للصبح أجراسٌ بأجراسِ

إرفقْ بلبي و لا تلهبْ حشاشتَهُ
فإنَّنِي ذو فؤادٍ صبِّ حساسِ

فقلتُ و اللهِ ما اخْترتُ النَّوى أبداً
و لا وجدتُ سوى الأثقالِ منْ باسِ

و حسرةٍ تَعْتَري اللَّذاتِ معرضةً
رغدَ الحياةِ بِلا خِلٍّ و إيناسِ

تُسرحُ الفكرَ بالأوهامِ حاملها
أقل شيءٍ يفيهِ صَرعةُ الآسي

أصبرْ و لا تبتأسْ عمَّا قُضِي أبداً
فإنَّما اللهُ ذو عدلٍ و قسطاسِ

عظمُ البلايا على عظمِ الرِّجالِ فمنْ
يُبلَى العظامُ عظيمٌ فوق مقياسِ

يَعلو على الناسِ منْ يعلو بهمَّتهِ
و يَقتضِيها و لو مشياً على فاسِ

يَدور حولَ صيَاناتٍ فَيَبلغُها
كما يَدُورُ لصيدٍ طيرُ جرْنَاسِ

لو أنّها في أقاصي الأرضِ موقعُها
و ما يقارعُ نجمُ الفرقدُ الراسي

فلا أقومُ مقاماً ذَلَّ قائمهُ
إلَّا لِفضلٍ و فِيهِ رِفعةُ الرَّاسِ

 

طه يس قنطاب 1398/11/12

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات