بعدما بُـحّـت أصوات الحقيقة و شارفت على شفا حفرة البُكم عَلَت صَيَحات الباطل النَكِرة حتّى تفوّهَ مسرح الحياة بالكلام فأَصغيت لهُ إذ سمعتهُ يقول ؛
لطالما استُخِفَّ بوجود العباقرة والصُلحاء الحقيقيين و كنوزهم النافعة فتشبّثَت مخالب الأشجان بصدور الأحرار و أحاطت بالقلوب الرؤوفة أسلاك الحسرات و قُذِفَت الأعين النجيبة برماح التُهمة فنَضَحَت أواني الأرواح ببراكين همومها حين رأت وجوه الماكرين السَفَلَة استُقبِلَت بِباقات زهور التعظيم والسرور ،و عُرِف الوفاء بالعار والخيانة بالدَهاء ، و ذُمّـت الشرفاء القلائل ذمّاً جَمّـا ونالت أفواج دُعاة الجَور التقديس والثناء سرّاً و جَهرا ، فرفعت أعمدة الظلم سقوف المحاكم والغِشّ سقوف الكنائس والكَذِب سقوف المساجد فتضاعفت صفعات الدهر القاسية فوق صفحات وجوه البؤساء الّذين قلّ الناصر لهم والذائد عنهم.
فتمتّع الدهر بفِعاله و تمادى بالقبائح وازداد حتّى أمسى يُنير قناديل البهجة في مجالس الجبناء والخونة لأوطانهم المعاقرين لخمرتهم فصار يحجب نور القمر عن أكواخٍ أنارَتها عقول أصحابها بضياء العلم فأصبحت تَهَب الدنيا حياةً رُغم تشابك سُحُب الإضطهاد والحِرمان في سمائهنَّ .
*فصمت مسرح الحیاة هُنَيْهَةً فتبسّم قائلاً ؛ من تكن صِعاب الحياة و خطوب الدهر مواضع رياضة و دعائم قوّةً له فَبُشراه بتفتُّح براعم الأمل بوجهه فلا خيبة ولا تقهقر بعد اليوم ولِيَزِد الدهر نفخاً في تيجان شموع العزائم فما نفخهِ إلّا زيادةً في الثُبات و نَيل الغاية و مِن ثَمَّ الخلود .*
_______
ثـامـر الـصـالـح
الـهـلـیـچـي