(١) خُصص هذا اليوم (٨ مارس) للمرأة. كما خُصصت ايام أخرى لأمور أخرى ك يوم العالمي للغة الأم، و اليوم العالمي للحفاظ على البيئة و اليوم العالمي لسرطان الثدي وإلى ماشابه. الغرض من هذه التسميات هو دفع المجتمعات، والحكومات للاهتمام بقضايا مهمة لا تحظى بالاهتمام الكافي من قبل الناس، لذلك تقوم منظمة الأمم المتحدة، والأنظمة والمؤسسات التابعة لها (كاليونسكو والمنظمة العالمية لحقوق الإنسان) بتخصيص يوم واحد في السنة لكل قضية، لكي تبقى هذه القضايا خالدة في ذاكرة الإنسان، وتدفعه للتفكير لإيجاد الحلول المناسبة. بعبارة أخرى، ما هذه التسميات إلا تحفيز لكسر الجمود والقيام بعملٍ ما لتحسين الوضع. إلصاق اللافتات للإعلان عن هذه المناسبات مفيدٌ ولكن لا يكفي. النظرة العاطفية للقضايا وإرسال التبريكات والتهاني لا تؤدي إلى حلّ القضايا المعقدة. المشاكل البشرية بحاجة إلى حلول بشرية. فعلينا القيام بعمل علمي، ودراسة القضايا بعمق، وتقديم مجموعة من المقالات والدراسات للمجتمع، بغية مساعدته على إصلاح نظامه الفكري والعقائدي.
(٢) اللافت للإنتباه هو ما ينشره البعض في هذا اليوم (الثامن من شهر مارس) عن المرأة. يعتقدون أنهم يكتبون وينشرون لصالح النساء ولكن كل ما يقومون به ما هو إلا إعادة إنتاج الخطاب الذكوري ولكن بصيغة جديدة. محاولات لإلقاء هذه الفكرة بأن للمرأة هذا الحق وذلك الحق، ولكن في الوقت ذاته للمرأة واجبات وإلتزامات ومسؤوليات فرضتها عليها الطبيعة والفطرة والغريزة. بعبارة أخرى حسب تصور هؤلاء هناك صورة للمرأة المثالية والطبيعة هي من كوّنت هذه الصورة ولا يجب العبث بالطبيعة. هؤلاء يتصورون أنهم كرجال لا علاقة لهم بتكوين هذه الصورة المثالية ولا علاقة لهم بالوضع الحالي للمرأة. بل الطبيعة هي من تفرض على المرأة كيف يجب أن تكون.
بالتأكيد إنهم مخطئون. سلطة الرجال لا تعود لأسباب فطرية أو غريزية بل تعود لحركة التاريخ وتسلسل الأحداث والقضايا التي جعلت الرجل هو المهيمن على العالم. أي محاولة لتحجيم دور المرأة وحصرها في إطار محدد بحجة الدين والطبيعة، هو تعدٍّ على حقوق المرأة. المرأة ليست ناقصة ولا ضعيفة بل إنها كيان كامل وعاقل وقوي. المرأة لا تحتاج لوصي ولا تحتاج لمن يلقن عليها من هي وماذا يجب أن تكـون. إن كنت حقاً مهتماً بحـقـوق المرأة وتسعى لتحسين وضعها الحـالي، فما عليك إلا أن تغير نظـرتك تجـاه المرأة وتـعتبر كيـانها ككيان الرجل وحقـوقها كحقوق الرجل وتتعامل معها بالمساوات والعدل والإنصاف.