قراءة في كتاب بيت القصب (خانه اى از نى و اسطوره) للكاتبين الاهوازيين حسين فرج ألله و احمد جعفري ماجد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
…يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11)المجادلة.
يُهزم وطن في عصر تنافس المعارف،لايملك علماء أذكياء يؤمنون بالرسالة فيجعلوا قلمهم النقي قربانًا و حسامًا مهندًا،ارضاءً للضمير السليم فَالأوطان المحجورة في العقول لن تحررها إلا الأقلام المعقمة من الغبن والخنوع و العقوق.
صدر مؤخرًا كتاب بيت القصب،مدعوم بالوثائق القديمة و الصور، للكاتبين حسين فرج ألله و احمد جعفري ماجد فَيمخران من خلاله عباب تاريخ حياة الهور لكشف جانب من الحضارة السومرية خاصة، فَحضارات وادي الرافدين و حضارات الأهواز مدينة للحضارة السومرية.و تلاصق و تداخل حضارات الأهواز و العراق يمنعنا من دراسة احداهما بمعزل عن الأخرى و على هذا يعتقد البعض إن حضارات الأهواز امتداد لحضارات العراق.
الهور مستنقع مائي كان يكثر فيه نباتات منها القصب و البردي و موطن لأنواع الأسماك و الطيور كما هو صالح لتربية أنواع الماشية،منها الجاموس و ايضًا يابسته تصلح للزراعة…
و لكن مؤخرًا تم تجفيف اهوار الاهواز لصالح المنشآت النفطية و ألتي يُحرم الأهوازيون من العمل فيها كما هاجر سكان الهور بعد إن خسروا اعمالهم المحلية،منها الصيد و الزراعة،إثر التجفيف.
…و منذ قبل الطوفان كانت اهوار جنوب العراق و الأهوازمن أولى مواطن البدو الرحل فَالانسان البدائي صنع من القصب و البردي البيت و الفراش و الأثاث و أنواع الزوارق و الوقود و وجد صيدًا و زراعة في باطنه و إلى جانبه.
ثم بعد انحسار المياه تجمع الناس في ضفاف دجلة والفرات العراقيتين و كارون و الكرخة الاهوازيتين…
و هكذا في هذه الأرض ألتي تحدها من الشمال جبال طوروس التركية و من الشرق جبال زاجرس الإيرانية و من الشمال الشرقي العراق و غرب إيران و من الغرب صحاري الشام و الحجاز و من الجنوب الخليج، قام عالم متمدن
لا احد يطاوله قيمًا و لا يسامقه علمًا و لا ينادده ثراءً.
…كما يتناول الكتاب تشابه حياة الاهوار و بيوت القصب السومرية و المندائية مع الحالية منها مثل المضيف الذي حضن اجتماعات هامة لسكان الهور و كذلك المفردات التي لازالت مستخدمة و ذلك من خلال الأختام و النقوش التي تعود للعهد السومري المكشوفة في الأهواز و العراق…
الصابئة أو المندائية طائفة دينية موحدة و مسالمة من العرق السامي و يعود وجودها في العراق و الأهواز للعهود القديمة جدًا.
…و يتطرق ايضًا للاساطير ألتي ذكرت الهور او[آپسو] باللغة السومرية و بيت القصب،منها قصة[زیپوسودرا] و هو النبي نوح السومري منجي البشرية من الغرق و قصته تشبه ما جاءت به الكتب السماوية.و ملحمة جلجامش الشهيرة التي انعكست على الفنون و تأثرت بها الملاحم العالمية مثل الالياذة و اُديسا و الشهنامة…
و لكن لا يجب قراءة التاريخ للمكوث فيه أو للتقهقر بل لنعرف موقعنا بين الامم في ذلك الوقت و هذا الوقت.
…كما يذكر الكتاب كيفية صنع انواع بيوت القصب و تقاليد سكانها و الزوارق و الأغذية والزراعة و الألبسة و انواع المفروشات ألتي استخرجها السكان من الطبيعة لقهر الطبيعة و التي تكاد تزال بفعل التجفيف و التهجير،مما أضر بالبيئة و ساكنيها.
و لكن حتى لو تعقدت حبال الأزمات و توالت ضوائقها و استحكمت،ممكن بناء الوطن،إذا انطلق الإيمان من قناعة راسخة بأن البناء مسؤولية جماعية وأخلاقية ووطنية وتاريخية الكل شريك فيها.
الأهواز/١٤ من جمادى الأولى ١٤٤٢هـ.
ناصر شايع(أبو فهر)