سعيد أبوسامر
٦ اكتوبر ٢٠١٩
أدب الأهواز مفخرة عالمية من نظم أبي نواس إلى الأخيطل الأهوازي إلى أبي معتوق و ضياء الدين الخاقاني وصولا إلى النمط الحديث المغاير الذي سمّي بالقصيدة النثرية.
ولدت الحركة الحداثية النثرية بوصفها مجالا نظرياً و حركة صاعدة لتواجه المنظومة الشعرية التقليدية في الأهواز في عام ٢٠١٠ و كانت من الحركات التي لمعت جانبا من أدب الأهواز. معترفا بهزالة البعض مما کُتب و نُشر من قبل بعض المتطفلین علی حیطان هذا النوع من الشعر (و الذي أوخذ علیه زورا و بهتانا) أدبیاً یجب أن نعترف بأن الشعر الحقیقي یمکن أن نقرأه فی أی من الأنماط الشعریة فی الأهواز: العمودي و القصیدة الحدیثة بنمطیها التفعیلة و القصیدة الحرة ای القصیدة النثریة و لیس هناک جانراً یلغی جانرا آخر، أو یمکن أن یکون بدیلا عنه بل أن هذا التنوع أدی إلی إثراء المشهد الشعري الأهوازي و إغنائه و علینا أن نتباهی به في سجل انجازاتنا. معظم نصوص كتّاب القصيدة النثرية تحمل المعنی المتعالي و الرمزیة الحدیثة و تعبّر عن الافکار و الصور التي أردوا إبرازها و هی بعامة صور جزئیة تصور البیئة الأهوازیة و واقع الألم و الحزن و الفرح. إرتأت القصیدة النثریة الأهوازیة من التأسیس و الکتابة من ضمن الحرکة و إصدار مجموعات شعریة لأعضائها أن تتجه نحو العالم العربي و توسع تأثیرها الأدبي. من الباحثين و النقاد الذین ساهموا في إثراء المشهد الأهوازي للقصیدة النثریة و تعریفه للعالم العربي هم أحمد عبد السادة، و میثم الحربي و واثق غازي و ولاء الصواف و صادق الطریحی و بشیر حاچم و جمال جاسم امین و سمر محفوض و أحلام غانم و بسمة المرواني و أیمان الونطدي و أحمد کریستو و حنان فرفور و جمال نصاري وسماهر أسد و نسرین قبانجي و رسول بلاوي. فمثلا بشیر حاچم یشیر الی نتیجة حاسمة و قد أمکنته من أکتشاف أن تحولات الخطاب الایقاع لقصیدة النثر العربیة في الأهواز، المحمرة و عبادان متوائمة مع التحولات ذاتها عند القصیدة النثریة فی کل من سوریا، العراق، و لبنان خصوصا. جمال جاسم امین یتکلم عن مشاهد إستثنائیة في القصیدة النثریة الأهوازیة و میثم الحربي یصف کتابة هذا النمط الشعري في الأهواز هو الرقص علی شفرة السکین بسبب ماتتحمله من إضطهاد و تعسف و مرثاة نقدیة . حنان فرفور تقول ان شاعر القصیدة النثریة یقدم رؤیا حادة و مفتوحة و التي تنطلق من معاناته الیومیة متمردا علی واقعه فمعرکته معرکة هویة و إثبات وجود علی أرض الأهواز، و معرکة أخری یبدو انه ربحها فقد انتزع الاعتراف الجماهیري بشرعیة هذا الجنس الادبي الثائر فعلی الرغم من قرب الاهوازیین و اندماجهم بالمجتمع الفارسي الا ان السمات النفسیة العربیة و مافیها من انفعال و ما تتمیز به من انشغال بالعاطفة المفرطة مازالت تهیمن . الدکتور رسول بلاوي یدرس رموز المقاومة و مفاهیمها في الشعر الأهوازي الحدیث و یقدمها في مقال نقدي لمؤتمرات في جامعات مختلفة. سماهر أسد تتکلم حول الجرأة المسیطرة في النصوص الأهوازیة قیاسا مع ما قدمته الکلاسیکیة طوال الأعوام الماضیة و التأکید علی التقانات الحدیثة المستخدمة في نصوص النثریین الأهوازیین کالإنطباعیة و الفلاش باک و التوهج. أیضا یؤکد صادق الطریحي بأن القصیدة النثریة في الأهواز تحمل میزات القصیدة النثریة العالمیة من الإیجاز و الکثافة و المفارقة و ایضا روح المغامرة الشعریة و المحلیة التي تحملها. في الختام أقول أنّ أیاً کان رأي رافضي القصیدة النثریة من بعض الشعراء و القراء أو الخصوم فإنها شقت لنفسها طریقا یختلف عمقه و أصبحت صورة حقیقیة لم ینکر حضورها حتی الذین سبق أن نبذوها و لعل هذه المختارات من بعض الدراسات تکون فرصة لتقییم ما بلغته قصیدة النثر من عمق في الوسط الأهوازي.
لكن هل توقف هذا الإثراء الشعري الذي كان ينبض كقلب طفل؟ إجمالاً لم يتوقف و شعرائه مستمرون بكتابة النصوص النثرية و تدوينها و نشرها. إنّه، في الحقيقة، خطٌ متصل من القديم الى الحال و قد يصعد الخط أو يهبط، و قد يدور حول نفسه،أو ينحني لكنه لن ينقطع. ينبغي ان نعي أكثر من أيّ وقت مضى، أنّ العالم اليوم يقف بكامل عدته ضد الشعر و هذا يؤثر على نفسية كل كاتب و علينا ان نعي أيضا بأن زمن الشعر مضى أو بتعبير آخر تقلص دوره في كل العالم كما في الأهواز و اتجه الكتّاب و الأدباء الى السرد الروائي، و القصة القصيرة، و القصة القصيرة جدا و كتابة الومضات.