الجماعة/جاسم أبو صادق

مجموعة من البشر ترمي إلى هدف معين، وتحس بآلام وآمال ومصالح مشتركة. هذه الجماعة أصحاب الهدف الواحد، يُعَرّفها القانون بشخص، أي تكسب شخصية مستقلة من حيث القانون والعرف.

لها حقوق كما للشخص حقوق. وعليها واجبات كما على الشخص واجبات تجاه القانون الذي أعطاها شخصية مستقلة وعَرَّفها بعنوان شخص. حقوقها تختلف عن حقوق أفرادها، ومسؤولياتها أيضا تختلف. الفرد في الجماعة يمثل شخص الجماعة، حيث لا توجد هناك مصلحة فردية مادام هو داخل الجماعة. وهذا لا ينافي الحقوق الفردية للأشخاص، لكن عند ما يتحرك الفرد وهو عضوٌ في مجموعة، يجب أن يراعي المصلحة العامة وليست الخاصة، أي، يجب أن يفدي مصالحه للمصلحة العامة. وهذا كله يحتاج إلى ثقافة خاصة، ألا وهي ثقافة الجمع. عندما يتثقف الفرد بثقافة الجمع، ويصبح أفراد الجماعة كلهم يحملون ثقافة الجمع، تُحل أكثر المشاكل وتزيل العقبات، ويتفاهم الأفراد كأفراد من أجل السير نحو الأفضل، ويصبح الجمع أكثر قوة وانسجاما. فقوة الجماعة من قوة أفرادها، وقوة أفرادها تحصل عندما يكون الأفراد، يحملون ثقافة خاصة للعمل الجماعي. لكن ما هي هذه الثقافة التي نسميها، ثقافة الجمع، أو ثقافة العمل الجماعي؟
باختصار وعبارة واحدة نستطيع أن نسميها، التحمل؛ تحمل المسؤولية، وتحمل النقد، وتحمل الإطاعة، وتحمل قبول الرأى الآخر، وتحمل خسران المصلحة الفردية، وتحمل نتائج العمل، وتحمل التعب ومشقّة الطريق للوصول إلى الهدف.
كل هذا يجب أن يجعله الفرد بالحسبان عند ما يريد أن يعمل مع الجماعة، ويسير بثقافة الجمع.
حقوق الجماعات تختلف عن حقوق الأفراد. ومن أهم حقوقها هي ما تتضمن العيش الكريم لها ولأفرادها، والاعتراف بها كجماعة لها حقوق ينبغي للطرف المقابل أن يعترف بها. حقوقها أن تقرر مصيرها بنفسها، وأن تحتفظ بثقافتها وتاريخها ولغتها وعاداتها وتقاليدها وكرامتها وأن تحافظ على كيانها وتراثها ولها الحق أن تبدع وتسير نحو الإنسانية حسب ما تملي عليها ثقافتها الخاصة، لا كما تملي عليها ثقافة الغير. فالجماعات ممكن أن تمرض ويصيبها الوهن والانهيار، لكن بيقظة أفرادها وجهدهم والرجوع إلى ما يملكونه من تراث وتاريخ وحضارة، والرجوع إلى ذواتهم الحقيقية النابعة من ذلك الماضي العريق، وبإرادة خاصة وثقافة خاصة، يمكنهم أن يصفوا وصفة دواء، تشافي الداء والمرض الذي تصاب به الجماعات.
خلاصة القول، أن الجماعة تحمل شخصية تختلف عن شخصية أفرادها، ويجب على الأفراد الذين يكونون هذه الجماعة أن يتثقفوا بثقافة العمل الجماعي، من أجل السير بها نحو الأفضل. بما أن للجماعة شخصية مستقله فحقوقها أيضا تختلف عن حقوق الأفراد والأشخاص، فالحقوق الفردية(إذا كانت هناك حقوق فردية) لا تلبي ما ترمي إليه الجماعات والكتل البشرية.

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات