التفاني هو شعور قوي بالولاء، وذوبان واندماج بالحقيقة. هو إخلاص وصدق وتضحية. عملية اندماج وإخلاص باتجاه معين. حيث يصبح الإنسان مرهونا لذلك الاتجاه. التفاني ليس حبا، ولا هو رغبة ولا مصلحة، بل هو أكبر من ذلك. هو حب لكنه ليس أعمى، ورغبة لكن لا تقودها الغرائز، ومصلحة لكنها لصالح الحق والحقيقة.
عندما يلتقي الحق مع الباطل، والباطل يعلو على الحق؛ في هذه اللحظة تحديدا، يظهر المتفانون، أصحاب وأنصار الحق، لا يخافون لومة لائم لنصرة الحق، ولا يرون ولا يهمهم إلا الحق، يذوبون في طريق الحق ويندمجون به وكأنهم هم الحق كله، يبرزون للباطل، ويصدق عليهم القول القائل بأن يبرز الحق كله، مقابل الباطل كله. لا يهمهم النصر بل هو لهم حتما، ما يهمهم هو قلع الباطل من جذوره، ومحاربته، في هذه الحالة يكتبهم التاريخ في سطوره الأبدية. ويصبحون قمما تنظر لهم الأجيال وتتعلم منهم الإنسانية. المتفانون هم الذين يصنعون التاريخ وتفخر بهم الأجيال وتتعلم منهم الإنسانية القيم والمبادئ. هم مدرسة التاريخ. هم أحياء في كل زمان ومكان. فسلام الله عليهم وطاب ذكرهم في كل حين.