كانت لي رحلة عمل مع صديقي إلى طهران، واتفقنا أن نذهب بسيارتنا لا بوسائل النقل العامة.
قررت أن أرتدي كوفيتي الحمراء طوال السفر. خالف الأمر صديقي وقال:
– إنها لا تناسب هكذا مجالات، علينا أن نكتفي بارتدائها في الحفلات والمراسيم.
– سنسافر أنا وأنت وكوفيتي!
– إنهم يحقدون منها وسيسخرون منّا!
نظرت في عينيه وقلت:
إنها مجرد قطعة قماش، ولكن لها هيبة ومكانة، وإنهم يحترمونها ولم يسخروا منها، بل نحن فقدنا قيمتها وسخرنا منها.
كوفيتي، أحبها، تقيني أشعة الشمس في الصيف، تمنحني الدفء في الشتاء.
جميلة!
أعشق لونها الأحمر وكأنه دم المرأة والرجل العربي.
انطلقنا صباحا من العميدية وعند الظيهرة في طريق الصالحية – خرم أباد تجاوزنا السرعة ١٢٠ كم في الساعة وكانت هناك شرطة المرور تراقب السير؛ بالإيماء من بعيد طلبوا منا أن نركن جانبا.
ارتبك صديقي وقال:
اخلع الكوفية! اخلع الكوفية!
ستشدد العقوبة علينا!
نظرت إليه بابتسامة، نزلت من السيارة وألقيت التحية على الضابط وسلمته المستندات، رد التحية بحرارة وكأننا أصدقاء.
قال: سيد عموري أتعلم! إن معظم سالكي هذا الطريق هم العرب الأهوازيون الذين يسافرون إلى سائر المدن والمحافظات الإيرانية، وإنك أول شاب يمضي من هنا ويرتدي الكوفية ولم يخلعها!
ضحكت بقوة:
أجل، لم أخلعها، بل أحبها!
ضحك الضابط وقال:
إن عقوبتك مليونا ريال، ولكن سوف أتجاهل التخلف احتراما لك وحبا لكوفيتك العربية.
وصلنا طهران وأين ما ذهبنا كانت كوفيتنا معنا وأين ما دخلنا تيسر لنا الأمر، وقد احتُرمنا أكثر من المعتاد، وكأننا أميران ولسنا شابين عاديين لا أكثر.