- زكية نيسي
صورة مأساوية، انتشرت بشكل واسع منذ شهرين، هذه الصورة هي ضمن صور لأطفال وشبان من مدينة الفلاحية يبحثون في القمامة التي تجمعها بلديات مدن الفلاحية والخنيفرة ودور خوين بمكان قريب من هور الفلاحية.
حيث هذا بحد ذاته مأساة كبيرة، أي وجود هذا القمامة يخلّف خطرا بيئيا على الهور ويهدد حياة سكان الهور صحيًا واقتصاديًا.
المشكلة الحقيقية والمعاناة الأساسية في الفلاحية هي المياه، إذ قطعت على الفلاحية.
تُسقى الفلاحية من نهر الجراحي الذي يمتد من محافظة كهكيلوية وبوير أحمد ويمر من مدن معشور وأرجان ورامز والخلفية والفلاحية والمحمرة.
يخيم على الفلاحية كلمة كانت كل بيوتها وشوارعها وأهلها وبيئتها تصرخ: كُنا وكُنا.
كلما رأيت شابًا أو شيبة أو نهر أو نخلة تصرخ بوجهك: (لم أكن بهذا البؤس لو لا قطع المياه والجفاف).
كان نهر الجراحي مثل الدم يجري في عروق الفلاحية ويمتد حتى بشكل أنهار بجنب البيوت، كان الأهالي والبيوت أيامهم عامرة بالزراعة والنخيل والصيد وتربية الأحشام، وكانت الفلاحية خضراء بنهر الجراحي ومصدر رزق ٨٠ بالمئة من أهلها من الزراعة ولكن منذ عام ١٩٩٧م وافتتاح سد مارون الذي بني على نهر الجراحي وعدم فتح نوافذ هذا السد إلا في أوقات محددة على نهر الجراحي؛ جفَّ هذا النهر وبدأت مأساة مدينة الفلاحية. يمكن الإشارة إلى بعض مخاطر هذا التجفيف المتعمد:
١. تعطلت الزراعة
٢. تضررت الثروة السمكية
٣. تدهور الاقتصاد الزراعي
٤. تدهور اقتصاد المدينة
٥. تضررت الأراضي الزراعية
٦. تقلصت المساحات الخضراء في القرى وهوامش المدينة.
بشكل عام وفي تصريح سابق كشف بين ٤ ميليون نخلة، جف منها ميليونين نخلة وكان ثمار نخيل المدينة بين ٨٠ إلى ٩٠ ألف طن، بينما اليوم المحصول ٤٥ ألف طن من النخيل.
ولكن، حديثًا وفي تقرير منذ أشهر قريبة، صرح الناشطين أن في السنوات الأخيرة مات ٣ ملايين من النخيل، ومزارعين الفلاحية في وسط حيرة وألم من رؤية جفاف الأنهر وموت النخيل بسبب عدم توفر المياه..
أهالي قرى العبودي والسالمي والخروسي والناصري والكيدري والغياضي والشاولي وأكثر من ٥٠ قرية أخرى في الفلاحية يعانون من الجفاف حيث قرابة ال٩٠ بالمئاة من أهالي الفلاحية يعملون في الزراعة وتربية الأحشام والصيد وأعمال وحرَف أخرى مرتبطة بالمياه.
منذ ٢٠ سنة حق المياه وحاجة نهر الجراحي وهور الفلاحية لم يتأمن وهذا الجفاف سبب ماساة اقتصادية كبيرة في مدينة الفلاحية.
المأساة الأساسية الثانية نزول فضولات مزارع شركة قصب السكر على الهور الفلاحية، حيث ينزل على هور الفلاحية ميليار متر مكعب من فضولات قصب السكر.
مما أدى إلى ارتفاع درجة الملوحة والتلوث في هذا الهور المثبت عالميا. كما تدمر الصيد وتربية الأحشام والحياة بالهور. إذ يصرح مسؤولين البيئة أن المياه الملوثة غلبت على المياه العذبة في الهور وهذا يهدد حیاه الناس، حیث السمک الذي یأكلونه هو ملوثٌ ويحمل ذرات خطيرة بسبب أن سموم وفضولات ٣٠٠ ألف من مزارع قصب السكر ومياه الصرف الصحي وشركات الصناعة؛ ينزل إلى الهور الفلاحية،
بما أن هور الفلاحية يأمن اقتصاد ١٠٠ ألف شخص؛ فتدمير هذا الهور يخلف مأساة إنسانية كبيرة.
تعاني، اليوم، الفلاحية من العطش والجفاف وفضولات مزارع شركات قصب السكر وتدهور وضعها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والصحي، والصورة هي أدق تعبير لهذه المأساة..