أبو شروق/حسن عموري

كنّا في بداية السنة الدراسية الأولى في المدرسة الجديدة، برغم وقوع مدرسة آرهاشم في مركز المدينة، وبرغم صيتها الشائع من بين سائر مدارس المحمرة، في البداية، لم أكن متفائلا بصفوفها.


الطلاب الجدد والذين كان معظمهم يأبي التحدث بلغته الأم، المعلمين الجدد، حرارة أجواء المحمرة عند الظهيرة في بداية شهر أيلول،
وإضافة إلى كل هذا مساعد المدير الغريب الذي كان يسيء التصرف معنا؛ كان يزيد من توتري وإرهاقي من المدرسة.
طُرق الجرس، وقفنا في طابور، دون ساتر من أشعة الشمس الحارقة، وكأنها تنتقم منّا إزاء ما حلّ بالمحمرة وتاريخها.
انتهينا من التشريفات ودخلنا الصف،
“الرياضيات” كانت حصتنا الدراسية الأولى، بعد لحظات وجيزة دخل المعلم.
أمر لا يُصدق!
أهذا هو الأستاذ مقدم؟!
هذا هو المعلم المفضل لدي!
صرخت بضحكة “سلام”.
إنّه السيد مقدم، معلمي في الأعوام الماضية! وقفنا احتراما وإجلالا له،
دخل مبتسما وسلم على الطلاب، وبعد حوار قصير مسك الطبشور بيده وقال:
ماذا يقال “للگچ” بالعربية؟
الصف برمته لم يعرف معنى الگچ بالعربية!
مسكه بيده وكتب على السبورة:
“لأكتب اسمك بالطبشور على الحيطان”.
مضت تلك السنة الدراسية الخالدة، ولمع فيها الأستاذ مقدم مدرس الرياضيات والأستاذ أميري مدرس العربية ومرت أعوام من بعدها.
تخرجت من العسكرية، تخرجت من الجامعة ثم بدأت نشاطي وعملي.
ذات يوم وأنا أتصفح الجوال، قرأت رسالة ملفتة للنظر: “تدريس اللغة العربية مجانا في المحمرة، العنوان: قاعة الفانوس، الساعة الرابعة عصرا.”
حضرت الصف مبكرا وانتظرت الطلاب والأستاذ.
أمر لا يصدق!
إنّه أبو شروق!
وإلى الآن ما زلت تلميذه وأتعلم منه الأخلاق والصبر والمثابرة والكفاح واللغة.
بقلم حسن عموري

أنا مثقف الأهواز

تصنيفات